قال: تلاق جهدا قال: في سلامة من ديني؟ قال: نعم، قال: فإذا لا أبالي (1).
العاشر: روى أبو مخنف عن عبد الرحمن بن حبيب عن أبيه قال: دخلنا على أمير المؤمنين وكنت حاضرا بالمدينة فإذا هو واجم كئيب فقلت: ما أصاب قوم صرفوا هذا الأمر عنكم؟ فقال:
صبر جميل: فقلت سبحان الله إنك لصبور، قال: فإن لم أصبر فماذا أصنع؟ فقلت: تقوم في الناس فتدعوهم إلى نفسك وتخبرهم أنك أولى بالنبي (صلى الله عليه وآله) بالعمل والسابقة وتسألهم [النصرة] على هؤلاء المتظاهرين عليك فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة فاسن دانوا لك كان لك ما أحببت وإن أبوا قاتلتهم، فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي آتاه نبيه عليه السلام وكنت أولى به منهم، ذهبوا بذلك فرده الله إليك، وأن قتلت في طلبه قتلت شهيدا وكنت أولى بالعذر عند الله تعالى في الدنيا والآخرة فقال: أوتراه كان تابعي من كل مائة عشرة؟ فقلت له: أرجو ذلك، فقال:
لكني لا أرجو ولا والله من كل مائة اثنان، وسأخبرك من أين ذلك، إن الناس إنما ينظرون إلى قريش فيقولون: هم قوم محمد (صلى الله عليه وآله) وقبيلته، وإن قريشا تنظر إلينا فيقولون: إن لهم بالنبوة فضلا على سائر قريش، وإنهم أولياء هذا الأمر من دون قريش والناس، وإنهم إن ولوه لم يخرج هذا السلطان منهم إلى أحد أبدا، ومتى كان في غيرهم تداولتموه بينكم فلا والله لا تدفع هذا السلطان قريش طائعة إلينا أبدا فقلت: أفلا أرجع إلى المصر فأخبر الناس مقالتك هذه وأدعو الناس إليك؟ فقال: يا جندب ليس هذا زمان ذلك، فرجعت فكلما ذكرت للناس شيئا من فضل علي (عليه السلام) زبروني وقهروني حتى رفع ذلك من أمري إلى الوليد بن عقبة فبعث إلي فحبسني (2).
الحادي عشر: روى أبو مخنف أن عمارا (رضي الله عنه) قال في ذلك اليوم الذي بويع لعثمان:
يا ناعي الإسلام قم فانعه * قد مات عرف وأتى منكر أما والله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم، وقال لأمير المؤمنين (عليه السلام): لئن قاتلتهم بواحد لأكونن ثانيا، فقال (عليه السلام): والله ما أجد عليهم أعوانا ولا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون (3).
الثاني عشر: محمد بن علي الحكيم الترمذي من أكابر العامة في كتابه قال: روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي (عليه السلام): إنما أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلموا لك (4) هذا الأمر فاقبله منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم، ثم قال عقيب ذلك: فانصح منه إن ذلك كان عنه (عليه السلام) بإشارة عن النبي (صلى الله عليه وآله) لا لخوف ولا لعجز (5).