فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله.
وقوله (عليه السلام): ليس هذا من مواطن الصبر، كلام عال جدا يدل على يقين عظيم وعرفان تام، ونحوه قوله عليه السلام وقد ضربه ابن ملجم: فزت ورب الكعبة (1).
قال: مؤلف هذا الكتاب: قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتغلب كلمة الضلال فكن جليس بيتك حتى تقلدها نص صريح في أن خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وقت تغلب كلمة الضلال فكن جليس بيتك حتى تقلدها، حيث جعل الغاية حتى تقلدها وهو واضح بين لمن تأمل أدنى تأمل.
السابع: ابن أبي الحديد فقال: إنه (عليه السلام) لما استنجد بالمسلمين وما جرى فيه وكان يحمل فاطمة (عليها السلام) ليلا على حمار وابناها بين يدي الحمار وهو (عليه السلام) يسوقه فيطرق بيوت الأنصار وغيرهم ويسألهم النصرة والمعونة أجابه أربعون فبايعهم على الموت، فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقي رؤوسهم ومعهم سلاحهم، فأصبح لم يوافه منهم إلا أربعة الزبير والمقداد وأبو ذر وسلمان، ثم أتاهم من الليل فناشدهم فقالوا: نصبحك غدوة فما جاء منهم إلا أربعة، وكذلك في الليلة الثالثة، وكان الزبير أشدهم له نصرة وأنفذهم في طاعته بصيرة حلق رأسه وجاء مرارا وفي عنقه سيفه، وكذلك الثلاثة الباقون إلا أن الزبير كان هو الرأس (2).
الثامن: ابن أبي الحديد قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إن الأنصار لما فاتها ما طلبت من الخلافة قالت أو قال بعضها: لا نبايع إلا عليا. وذكر نحو هذا علي بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير الموصلي في تاريخه قال: فأما قوله لم يكن لي معين إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الموت فقوله ما زال (عليه السلام) يقوله، ولقد قاله عقيب وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لو وجدت أربعين ذوي عزم، ذكر ذلك نصر بن مزاحم في كتاب صفين (3).
التاسع: ابن أبي الحديد قال: روى يونس بن حباب عن أنس بن مالك قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب معي فمررنا بحديقة وقال علي (عليه السلام): يا رسول الله ألا ترى ما أحسن هذه الحديقة فقال: إن حديقتك في الجنة أحسن منها، حتى مررنا بسبع حدائق يقول علي ما قال، ويجيبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما أجابه، ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقف فوقفنا فوضع رأسه على رأس علي فبكى فقال علي: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني فقال: يا رسول الله أفلا أضع سيفي على عاتقي فأبيد خضراءهم قال: بل تصبر، قال: فإن صبرت؟