كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٥٩
يعلم أنه أفضل من آخر غيرهما ممنوع (1).
الوجه الخامس والعشرون: لو وجب نصب الرئيس على الخلق فإما أن يشترط العلم باستحالة الظلم والتعدي منه أولا، والأول هو القول بالعصمة ولا يعلمها إلا الله تعالى، والثاني يستلزم جواز كون الضرر في نصبه أكثر من فقده (2).
الوجه السادس والعشرون: لو وجب على الناس نصب الرئيس وطاعته لدفع الفساد والمضار لوجب ترك الفساد، فاستغنوا بذلك عن نصب الرئيس فيسقط وجوبه، وهو خلاف المقدم، وهذا لا يتأتى على الإمامية القائلين بوجوب نصب الرئيس على الله تعالى لا على الرعية، لا يقال: إنهم لا يكفون عن الفساد. لأنا نقول: وقد لا يطيعون الرؤساء فيقع الفساد، لا يقال:
إذا لم يطيعوا الرؤساء، فمن قبل أنفسهم أوتوا، لأنا نقول: إذا لم يتركوا الفساد فمن قبل أنفسهم أوتوا، لا يقال: لا شبهة في وجوب ترك الفساد، ولكن كل زمان لا يخلو من صلحاء يكرهونه ومن جهال يطلبونه، والفساد عند نصب الرئيس أقل منه عند عدمه: فمن يكره وقوع الفساد لزمه تركه بنفسه، وأن يتوصل إلى منع غيره بإقامة الرئيس وأن يعينه بنفسه ورأيه وماله لأنا نقول الصلحاء لا تتفق آراؤهم في تعيين الرئيس بل تختلف، وقد يطلب كل واحد منهم ذلك المنصب لنفسه أو لمن له به عناية فيقع الهرج والمرج، ولأن الجهال لا يساعدون الصلحاء، وقد لا يمتثلون أمر ذلك الرئيس فيكثر

(1) ربما، يقال: بأن المفضول لا يمنع عليه أن يعرف الأفضل من بين جماعة جميعهم أفضل منه، كما يعرف الأفضل منه بأنه أفضل منه، فإن صاحب الفضيلة لا يخفي عليه التفاضل بين أهل الفضل وإن كان جميعهم أفضل منه.
نعم إنما يعسر أو يتعذر معرفة أفضل الأمة مع كثرة البلاد وتباعدها وكثرة أهل الفضل فيها خصوصا في التفاضل في صفات تحتاج إلى الاختبار، واختبار الجميع يحتاج إلى أمد طويل وتجربة واسعة كالسياسة.
(2) فإذا جاز أن يكون الضرر في نصبه أكثر كيف يجوز نصبه؟ لأن الإمام إنما يراد للصلاح بحفظ الشريعة وإصلاح الأمة وقد أصبح للفساد.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست