كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٤٣٣
الإمام غير معصوم فإن سقط هذا التكليف عنه لم يكن الخطاب عاما وهو باطل بالضرورة وإن كان مكلفا به فالمؤدي له والمقيم الحد عليه لا بد أن يكون غيره فأما أن يكون معصوما أولا والأول يكون المعصوم أولى بالإمامة منه، والثاني يسقط محله من القلوب ويستلزم الهرج والمرج والفتن وتعطيل حدود الله وذلك كله يناقض الغرض من نصب الإمام ويندفع كل هذه المحذورات بكون الإمام معصوما.
الحادي والسبعون: قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا) الآية أقول الإمام إنما وضع لإرشاد الخلق إلى معرفة الحق والباطل، الباطل ليجتنبوه والحق ليرتكبوه فإذا لم يكن معصوما أمكن أن يرغبهم (يرشدهم) إلى ضد ذلك ويحملهم على ذلك ولا يطمئن المكلف والطمأنينة مطلوبة ولهذا ذكر الله في مواطن (مواضع) كثيرة منها هذه وكما ذكرها الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام.
الثاني والسبعون: قال الله تعالى: (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما) وجه الاستدلال من وجهين:
أحدهما: إن غير المعصوم يتبع الشهوات وكل من يتبع الشهوات يميل ميلا عظيما لأن قوله الذين يقتضي العموم لأنه جمع معرف بلام الجنس وكل من يميل ميلا عظيما لا يتبع فغير المعصوم لا يتبع والإمام يتبع فغير المعصوم ليس بإمام بالضرورة وهو المطلوب.
وثانيهما: أن الإمام نصب حتى لا يمكن المكلف أن يتبع الشهوات ويميل عن الحق ولا يمكن ذلك إلا باطمئنان المكلف أنه لا يدعوه إلى الميل ولا يكون له وقع عند المكلف إذا لم يمل هو فإن من أمر بمعروف ولم يفعله فهو مذموم وقد أشار إليه الله في كتابه العزيز بقوله: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) وإنما يطمئن المكلف ويثق قلبه إذا كان الإمام معصوما وهو المطلوب.
الثالث والسبعون: قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) إلى قوله
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست