أخذ ذلك من القرآن وهو ظاهر لأن بعض دلالته بالعموم وهو ظني ولاشتماله على المجمل والمتشابه والسنة كذلك وليس للناس كلهم المطلوب منهم التقوى علوم بذلك كله من طريق الالهام فلا بد من ولي الله يعلم ذلك يقينا ولا بد وأن يكون قوله متيقن الصحة وليس ذلك إلا المعصوم فيجب القول به لأنه لولا ذلك لزم أن يكون الله تعالى ناقضا لغرضه وهو محال.
الثالث: قوله تعالى: (واتقوا الله لعلكم تفلحون) التقوى لا تتم إلا بمعرفة الأحكام كما هي في نفس الأمر والعمل بما به يعلم والاخلاص والأول إما أن يحصل بالعقل أو بالنقل والأول عند أهل السنة ليس بطريق صالح لشئ من الأحكام الشرعية وعند العدلية لا يعلم منه كل الأحكام بل القليل منها فلا بد من الثاني إما في الجميع على الرأي الأول أو في الأكثر على الرأي الثاني ولا بد وأن يكون ذلك النقل مما يفيد العلم اليقيني ولا يحصل لكثير من الناس من القرآن والسنة وهو ظاهر يتفق عليه فلا بد من مبين لذلك وللآيات المتشابهة ويكون عنده ظاهرها نصا وكذا السنة ولا يكفي ذلك بل لا بد وأن يتيقن المكلف صحة قوله وفعله وذلك لا يتحقق إلا من المعصوم، والثاني وهو العمل بما يعمل الإمام لطف فيه لأنه المقرب إلى الطاعة والمبعد عن المعصية فيتعين نصب الإمام المعصوم وإلا لزم نقض الغرض فإن الحكيم إذا أراد شيئا فإن لم يفعل ما يتوقف عليه ذلك الشئ إذا كان من فعله خاصة مع قدرته وعلمه فإنه يكون ناقضا لغرضه ومناقضا لإرادته تعالى عن ذلك علوا كبيرا، لا يقال: هذا كله مبني على أن الإمامة لا يقوم غيرها مقامها فيحتاج إلى بيان شاف ولم يبينوه، لأنا نقول:
انحصار الدليل الموصل في العقل والنقل وانتفاء الثاني في أكثر الأحكام مما اتفق عليه الكل وانحصار النقلي في نص بين أو إمام أو إجماع إذ غير ذلك لا يفيد اليقين معلوم ومما اتفق عليه الكل والأول لا يفي بكل الأحكام فتعين الثاني ولا يحصل العلم به إلا إذا كان من معصوم وهو ظاهر.
الرابع: قوله تعالى: (واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون) أمر وتهديد على الترك مقدمة إيجاب ما لا يطاق مع العلم بأنه ما لا يطاق قبيح