عقلا وكذا الأمر به على سبيل الندب إباحته عبث والعبث من الحكيم العالم به قبيح، مقدمة أخرى قوله تعالى: واتقوا الله إما على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة لا يخلو عن هذه الأمور الثلاثة، مقدمة أخرى هذه الآية حكمها ثابت بعد النبي عليه السلام إجماعا إذا تقرر ذلك.
فنقول: أحد أمور ثلاثة لازم إما الأمر بما لا يطاق أو ثبوت الإمام المعصوم أو ثبوت ما يقوم مقامه لأنه قد ظهر فيما مر إن التقوى لا يحصل إلا مع الإمام المعصوم أو ما يقوم مقامه فلو أمر الله تعالى بالتقوى مع عدم إمام معصوم أو ما يقوم مقامه لزم الأمر بما لا يطاق فلا بد من أحدهما لكن الأول محال الثالث لأنه إما أن يكون عقليا أو نقليا والأول منتف في أكثر الأحكام فتعين الثاني وبعد النبي عليه السلام لا يعلم اليقين إلا من الإمام المعصوم لما تقدم فتعين الثاني وهو نصب الإمام المعصوم.
الخامس: أمر الله تعالى بالتقوى وأمر بالطاعة أولي الأمر وهو الإمام المعصوم فلا يخلو إما أن يحصل التقوى من طاعة الإمام أولا والثاني محال لأنه تعالى إذا أراد منا شيئا وكان هو المقصود منا لأن جميع ما أوجب أو حرم داخل في التقوى ثم أمرنا بارتكاب طريقة ليست مقصودة لذاتها بل لأدائها إلى ذلك المقصود وهو يصلح للأداء كان ذلك نقضا للغرض بل هو اضلال وهو محال فتعين الأول وهو أن التقوى تحصل من متابعة الإمام ولا يمكن إلا إذا كان معصوما وهو ظاهر ولأن التقوى لا بد فيها من العلم اليقيني ولا يحصل من قول غير المعصوم قطعا فتعين أن يكون الإمام معصوما وهو المطلوب.
السادس: قوله تعالى: (فلا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فأعلموا أن الله عزيز حكيم))، اعلم أن الله تعالى مجده قد بين في هذه أمور الأول النهي عن اتباع خطوات الشيطان وهو عام في الأصول والفروع إجماعا الصغائر والكبائر، وبالجملة فهذه تحذير عام لكل ما نهي عنه ترك ما أمر به والثاني أنه تحذير عن الزلل بعد مجئ البينات وهي مأخوذة من البيان وهو ما يفيد العلم لمن نظر فيه وهذا من رحمة الله تعالى لعباده أنه لا يؤاخذ قبل مجئ البينات