الثاني: المعصوم الذي لا يخل بواجب ولا يفعل قبيحا ويكون عالما بالله تعالى على أنهى ما يكون للبشر علمه ويكون أخشى الخلق لله تعالى، فيكون أكمل الخلق في ثلاثة، الأول: علمه، الثاني: خشيته، الثالث: فعله - المراتب بينهما ولا تتناهى بعضها يكون أقرب إلى الأول، وبعضها أقرب إلى الثاني، والمحتاج إلى الإمام للتقريب والتبعيد الأول والثالث، وأما الثاني فقد يحتاج إلى تعريف الأحكام كاحتياج الحسن والحسين عليهما السلام إلى علي أمير المؤمنين في روايتهما ونقلهما إذا تقرر ذلك، فنقول: الإمام يجب أن يكون من الثاني، لأنه يحتاج إلى إمام آخر وإلا لزم التسلسل، والأول والثالث محتاجان فلا يجوز أن يكون منهما.
السابع والأربعون: الإمام أفضل من رعيته من كل وجه، ولا شئ من غير المعصوم أفضل من كل واحد ومن الكل من كل وجه فلا شئ من الإمام بغير معصوم أما الصغرى فلما يأتي، وأما الكبرى فلأن كل غير معصوم غير بالغ في الكمال إلى طرف النهاية الممكنة للبشر، فيمكن أن يكون من هو أكمل منه بل يوجد أكمل منه في شئ ما لأنه في حال ما لا بد وأن يكون في قوته العملية أو العلمية، وفي تلك الحال لا يجب موافقة الكل له في ذلك النقصان فيجوز أن يكون بعضهم في تلك الحال لم يوجد منه سبب النقصان قطعا، فيكون أكمل منه من وجه، وهو يناقض الكلية.
الثامن والأربعون: الإمام قادر على ترك القبيح ولم يوجد داعي الفعل منه ووجد الصارف فامتنع منه، أما الأول: فظاهر وإلا لم يكن مكلفا بترك فلا يكون قبيحا، وأما الثاني: فلأن الداعي هو تصور كمال في الفعل، أما للقوة الشهوية أو للقوة الغضبية أو للقوة الوهمية أو الجسمانية، وقد بينا أنه يجب أن يكون مجردا عن هذه الأشياء قليل المبالاة بها لا التفات له إليها البتة. وأما وجود الصارف فلأنه عالم بقبحه، ويعلم ما يستحق عليه من الذم والعقاب، لأنه يجب أن يكون عالما بجميع القبايح لأنه المبعد عنها ولأنه أعلم الناس بالله عز وجل لما تقدم، ولأنه الداعي للكل إليه ولا يدعو إلى الشئ إلا الأعلم به لاستحالة العكس، وقال الله تعالى: (إنما يخشى