لطف في زوال الأربعة الباقية، فلا بد وأن لا يكون متصفا في وقت ما بشئ منها وإلا لم يكن لطفا في زوالها إذ مثل الشئ لا يكون علة في عدمه، وذلك هو المعصوم فإن الآخر إنما يكون بوساطة غواش غريبة عارضة مغارفة الذنوب تفعل في بعض الوقت فإذا تنزه عن الكل ذاته دائما ثبت العصمة.
الرابع والأربعون: الإمام الذي هو المقرب إلى السعادة الأخروية والنعيم المؤبد والمبعد عن استحقاق العقاب الأخروي مطلقا سواء كان دائما أو غير دائم لا بد أن يكون كاملا بحسب القوة النظرية وبحسب القوة العملية الكمال المطلق الذي يمكن للبشر فإنه لو كان ناقصا في إحديهما لم يحصل للتقريب والتبعيد المذكورين لجواز تقريبه مما ينبغي تبعيده عنه وتبعيده عما ينبغي تقريبه منه والكامل فيهما هو المعصوم إذ غيره ناقص فيمكن وجود أكمل منه، فلا يكون قد حصل له الكمال المطلق الممكن للبشر.
الخامس والأربعون: الإمام يجب أن تكون نفسه لها ملكة التجرد عن العلائق الجسمانية والشواغل البدنية واللذات الحيوانية بحيث لا يلتفت إليها ولا يشتغل بتحصيلها بل ما حصل منها من المباح له لا يكترث به، وإلى ذلك أشار الله تعالى بقوله: (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) وقال أمير المؤمنين عليه السلام مخاطبا للدنيا " أبي تعرضت أم إلى تشوقت طلقتك ثلاثا " ونفسه متنقشة بالكمال الأعلى وحصل لها اللذة العليا إذ الداعي من جهة الله إلى ذلك والمنفر للخلق عن جميع ما يبعده عن الله تعالى على حسب ما أمر الله تعالى به من التحريم والكراهة والحث على الأفعال المقربة من هذا كالواجبات والمندوبات وإباحة ما لا يبعد ولا يقرب لو لم يكن كذلك لم يصلح لذلك وهو ظاهر، وإذا تقرر فنقول يجب أن يكون معصوما لأنه عالم بقبح القبيح، وبقبح ترك الواجب ومستغن عنه لا يتصور فيه حاجز القوة الشوقية والجسمانية، ولا الجهل لكماله في القوتين، وإذا انتفي الداعي وثبت الصارف امتنع منه فعل القبيح وترك الواجب، وهي العصمة وهو المطلوب.
السادس الأربعون: اعلم أن الناس طرفان وواسطة، الأول الفاجر الجاهل بالله تعالى من كل وجه، الذي لا يخشى الله من كل وجه.