الاجتماع وتدعو القوة الشهوية والغضبية إلى الجور على غيره فيقع بذلك الهرج والمرج ويختل أمر الاجتماع ولا يكفي تقرير الشرايع فإن ضعفاء العقول يستحقرون اختلال النافع لهم عند استيلاء الشوق عليهم إلى ما يحتاجون إليه بحسب الشخص فيقدمون على مخالفة الشرع وإهمال الثواب واستسهال العقاب الأخروي فنظامه وصلاحه إنما هو من أهل العصمة وهو المطلوب.
وأما الثالث: فلأن فائدة الإمام ذلك ولأنه إلى الرئيس لا إلى غيره، وهذا أمر ظاهر.
الحادي والأربعون: اللذات منها حيوانية ومنها عقلية، أما الحيوانية فكما يتعلق بالقوة الشهوية كتكيف العضو الذايق بكيفية الحلاوة وسواء كانت عن مادة خارجية أو حادثة في العضو عن سبب خارج، وكما يتعلق بالقوى الغضبية كتكيف النفس الحيوانية يتصور غلبة ما أو يتصور أذى حل بالمغصوب عليه، وكما يتعلق بالقوى الباطنة كتكيف الوهم بصورة شئ يرجوه أو بصورة شئ يتذكره وكذلك في سائرها، وهذه كلها خيالات حيوانية مختلفة وإدراكات حيوانية متفاوتة يتبعها اللذات بحسبهما، والجوهر العاقل له أيضا كمال ولذات وهوان يتمثل فيه ما يسبقه من الحق الأول بقدر ما يستطيعه لأن يعقل الأول على ما هو عليه غير ممكن للبشر بل لغير الله تعالى ثم ما يتعقله من صور مخلوقاته وأفعاله العجيبة أعني الوجود كله تمثلا يقينيا خاليا عن شوايب الظنون والأوهام، فإذا عرفت ذلك فنقول إن النفوس البشرية أكثرها مصروفة إلى تحصيل اللذات الحسية الحيوانية أكثرها بل بعضها مستغرقة أوقاتها، ثم بعضها محرم وبعضها مباح، والمباح منها أنما أبيح على جهة العدل بحيث لا يقع نزاع ويخرب النظام ولا يكفي الوعد باللذات والآلام الآجلة، فإن كثيرا من الجهال يستسهل ذلك في تحصيل مرامه، فلا بد من رئيس في كل عصر يلزم النفوس البشرية عدم تعدي العدل والوسط في هذه اللذات ويقرب من اللذات العقلية ولا بد أن يكون موثوقا من نفسه بأن لا يتعدى العدل ولا يأخذ من الملاذ إلا ما أبيح لها لا غير وإلا لكان سببا لتجري النفوس الباقية على ما لا يحسن ولا يجوز الاقتداء بالمعتدي وقد يتوقف