كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٩
الثامن والثلاثون: اعلم أن القوة الحيوانية التي هي مبدأ الإدراكات والأفاعيل الحيوانية في الإنسان إذا لم يكن لها طاعة القوة العقلية ملكة كانت بمنزلة بهيمة غير مرتاضة تدعوها شهوتها تارة وغضبها تارة إلى لذائذ تهيجها القوة المتخيلة والمتوهمة بشيئين.
الأول: ما يتذاكرانه.
الثاني: ما يتأدى إليهما من الحواس تارة الظاهرة إلى ما يلائمها، وتارة ما لا يلائهما فتتحرك إليه حركات مختلفة حيوانية بحسب تلك الدواعي وتستخدم القوة العاقلة في تحصيل مراداتها فتكون هي إمارة تصدر عنها أفعال مختلفة المبادئ والعقلية مؤتمرة عن كره مضطربة، أما إذا منعتها القوى العقلية عن التخيلات والتوهمات والإحساسات والأفاعيل المثيرة للشهوة والغضب وأجبرتها على ما يقتضيه العقل العملي بحيث صارت تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه، ولا يصدر منها ما تقتضيه القوة الغضبية والشهوية من الفساد كانت العقلية مطمئنة لا يصدر عنها أفعال مختلفة المبادئ، وباقي القوى بأسرها مؤتمرة ومسالمة لها، وبين الحالتين حالات بحسب استيلاء إحديهما على الأخرى تتبع الحيوانية فيها أحيانا هواها عاصية للعاقلة، ثم تندم فتلوم نفسها وتكون لوامة، وقد جاء في القرآن الحكيم تسمية هذه النفس بهذه الأسامي إذا عرفت ذلك فنقول قد ظهر مما تحقق أن النفس المطمئنة هي التي لا يصدر منها ذنب أصلا والبتة واعتقاداتها صحيحة يقينية من باب العقل المستفاد فيجب أن تكون نفس الإمام من هذه، لأن هذا القسم موجود، وقد جاء التنزيل به فيستحيل أن يكون غير الإمام مع وجوده ولأن الإمام في كل عصر واحد خصوصا في غير المعصوم وفائدة الإمام منع النفسين الآخرين
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست