كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٠
العشرون: قوله تعالى: (ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين) وجه الاستدلال بها أنه بمجرد الإرادة من دون فعل سبب الثواب لا يحصل وهو ظاهر وإلا لكان تفضلا، فلا يكون ثوابا، ولا بد من طريق يحصل به العلم بأسباب الثواب جزما، وكذلك لا بد من معرفة كيفية الشكر وسببه، وإنما يحصل من المعصوم، وإذا تبين أن فعل الطاعات موجب للثواب، والله داع إلى الثواب ومريد لحصوله من العباد فلا بد من خلق المقرب والمبعد وهو المعصوم.
الحادي والعشرون: إن الله تعالى فاعل مختار ومتى تحققت القدرة والداعي وجب الفعل (1) والاحسان المطلق إنما هو بفعل الطاعات والامتناع عن القبايح، والمعصوم لطف فيه محصل له لا يحصل بدونه كما تقدم، والله يريد الاحسان ويحبه لقوله تعالى: (والله يحب المحسنين) فدل على تأكد الإرادة له، وإنما يريد ذلك على سبيل اختيار المكلف، فيلزم أن يريد الألطاف الموقوف عليها الاحسان المطلق التي تقرب المكلف إليه وتبعده عن ضده والتي لا تبلغ الالجاء، فيريد خلق المعصوم والأمر بطاعته لوجود القدرة والداعي وانتفاء الصارف إذ هو مناف للإرادة وقد تحقق انتفاء الصارف، وهو المطلوب (2).

(1) وذلك لحصول المقتضي مع انتفاء الصارف عن الفعل وهوما يسمى بالمانع ومتى ما حصل المقتضي وانتفى المانع كانت العلة عندئذ تامة، فلا محالة من وجوب الفعل.
(2) وإيضاح ذلك أن نقول: إن الله عز شأنه يحب أن يكون عباده من أهل الاحسان وعليه قوله تعالى (والله يحب المحسنين) وأمثالها في الكتاب كثير وكمال الاحسان بفعل الطاعات والامتناع عن القبايح، ومعرفة الطاعات والقبايح والقرب من الأولى والبعد عن الثانية موقوف على الإمام المعصوم لأن الشريعة من الكتاب والسنة غير كافيين في ذلك لاختلاف الناس في مفادهما، ولما كان تعالى فاعلا مختارا وهو القادر وقد حصل الداعي لخلق المقرب المبعد لطفا بعباده وحبا، لأن يكونوا من المحسنين ولم يكن هناك مانع من وجود هذا الطريق وجب عليه تعالى فعله وهو تعالى يريد أن يكون الاحسان من عباده على سبيل الاختيار دون الجاء وإجبار، فإذا لم يخلق لهم المعصوم فماذا يصنع لهم ليبعدهم عن العصيان، ويقربهم من الطاعة.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست