العشرون: قوله تعالى: (ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين) وجه الاستدلال بها أنه بمجرد الإرادة من دون فعل سبب الثواب لا يحصل وهو ظاهر وإلا لكان تفضلا، فلا يكون ثوابا، ولا بد من طريق يحصل به العلم بأسباب الثواب جزما، وكذلك لا بد من معرفة كيفية الشكر وسببه، وإنما يحصل من المعصوم، وإذا تبين أن فعل الطاعات موجب للثواب، والله داع إلى الثواب ومريد لحصوله من العباد فلا بد من خلق المقرب والمبعد وهو المعصوم.
الحادي والعشرون: إن الله تعالى فاعل مختار ومتى تحققت القدرة والداعي وجب الفعل (1) والاحسان المطلق إنما هو بفعل الطاعات والامتناع عن القبايح، والمعصوم لطف فيه محصل له لا يحصل بدونه كما تقدم، والله يريد الاحسان ويحبه لقوله تعالى: (والله يحب المحسنين) فدل على تأكد الإرادة له، وإنما يريد ذلك على سبيل اختيار المكلف، فيلزم أن يريد الألطاف الموقوف عليها الاحسان المطلق التي تقرب المكلف إليه وتبعده عن ضده والتي لا تبلغ الالجاء، فيريد خلق المعصوم والأمر بطاعته لوجود القدرة والداعي وانتفاء الصارف إذ هو مناف للإرادة وقد تحقق انتفاء الصارف، وهو المطلوب (2).