والغيبة فاكهتكم، والحرام غنيمتكم، ولا يرحم كبيركم صغيركم، ولا يوقر صغيركم كبيركم، فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم، ويجعل بأسكم بينكم، وبقي الدين بينكم لفظا بألسنتكم، فإذا أتيتم هذه الخصال توقعوا الريح الحمراء، أو مسخا، أو قذفا بالحجارة، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل ﴿قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض أنظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون﴾ (1).
فقام إليه جماعة من الصحابة فقالوا: يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك؟
فقال (صلى الله عليه وآله): عند تأخير الصلوات، واتباع الشهوات، وشرب القهوات، وشتم الآباء والأمهات، حتى ترون الحرام مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وجفا جاره، وقطع رحمه، وذهبت رحمة الأكابر، وقل حياء الأصاغر، وشيدوا البنيان، وظلموا العبيد والإماء، وشهدوا بالهوى، وحكموا بالجور، ويسب الرجل أباه، ويحسد الرجل أخاه، ويعامل الشركاء بالخيانة، وقل الوفاء، وشاع الزناء وتزين الرجال بثياب النساء، وذهب عنهم قناع الحياء، ودب الكبر في القلوب كدبيب السم. في الأبدان، وقل المعروف، وظهرت الجرائم، وهونت العظائم، وطلبوا المدح بالمال، وأنفقوا المال للغناء، وشغلوا في الدنيا عن الآخرة، وقل الورع، وكثر الطمع والهرج والمرج، وأصبح المؤمن ذليلا، والمنافق عزيزا، مساجدهم معمورة بالأذان، وقلوبهم خالية من الإيمان بما استخفوا بالقرآن، وبلغ المؤمن عنهم كل هوان، فعند ذلك ترى وجوههم وجوه الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، كلامهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الحنظل، فهم ذئاب عليهم ثياب، ما من يوم إلا يقول الله تبارك وتعالى: أنى تفترون؟ أم علي تجترؤون (أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون (2)) فوعزتي وجلالي، لولا من يعبدني مخلصا، ما أمهلت من يعصيني طرفة عين، ولولا ورع الورعين من عبادي، لما أنزلت من السماء قطرة، ولا انبت ورقة خضراء.