الفصل الثاني والمائة في الملاحم الملاحم (1100 / 1) روى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: حججت مع رسول الله حجة الوداع، فلما قضى النبي (صلى الله عليه وآله) ما افترض عليه من الحج أتى مودع الكعبة، فلزم بحلقة الباب ونادى برفيع صوته: أيها الناس فاجتمع أهل المسجد وأهل السوق، فقال (صلى الله عليه وآله): اسمعوا، إني قائل ما هو بعدي كائن فليبلغ شاهدكم غائبكم.
ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى بكى لبكائه الناس أجمعون، فلما سكت من بكائه قال: اعلموا رحمكم الله إن مثلكم في هذا اليوم كمثل ورق لا شوك فيه إلى أربعين ومائة سنة، ثم يأتي من بعد ذلك شوك وورق فيه إلى مائتي سنة، ثم يأتي من بعد ذلك شوك لا ورق فيه حتى لا يرى فيه إلا سلطان جائر، أو غني بخيل، أو عالم راغب في المال، أو فقير كذاب، أو شيخ فاجر، أو صبي وقح، أو امرأة رعناء.
ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقام إليه سلمان الفارسي (رضي الله عنه) وقال: يا رسول الله، أخبرنا متى يكون ذلك؟.
فقال (صلى الله عليه وآله): يا سلمان، إذا قلت علماؤكم، وذهبت قراؤكم وقطعتم زكاتكم، وأظهرتم منكراتكم، وعلت أصواتكم في مساجدكم، وجعلتم الدنيا فوق رؤوسكم، والعلم تحت أقدامكم، والكذب حديثكم،