ابن تيمية: هذا كذب عند كل عارف بالسيرة، فكيف يرسل أبا بكر في جيش أسامة وقد استخلفه على الصلاة، فصلى بهم اثني عشر يوما بالنقل المتواتر، وقد كشف (ص) الستارة يوم الاثنين وقت الصبح وهم يصلون خلف أبي بكر ووجهه كأنه ورقة مصحف وسر بذلك لما رآهم بالصلاة، فكيف يتصور أن يأمره بالخروج وهو يأمره بالصلاة بالناس؟ وإنما أنفذ جيش أسامة بعد موت الرسول (ص) أبو بكر، غير أنه استأذنه في أن يأذن لعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في الإقامة لأنه ذو رأي ناصح للإسلام، فأذن له. وأشار عليه بعضهم بترك الغزاة، فإنهم خافوا أن يطمع الناس في الجيش بموت النبي (ص)، فامتنع أبو بكر وقال:
لا أحل لواء عقده النبي (ص) (1).
ابن مطهر: رووا عن أبي بكر أنه قال على المنبر (إن النبي (ص) كان يعتصم بالوحي، وأن لي شيطانا يعتريني، فإن استقمت فأعينوني، وإن زغت فقوموني) فكيف تجوز إمامة من يستعين بالرعية على تقويمه؟
ابن تيمية: هذا من أكبر فضائله، وأولها على أنه لم يكن طالب رياسة، ولا كان ظالما، فقال إن استقمت على الطاعة فأعينوني عليها، وإن زغت عنها فقوموني، كما قال: أطيعوني ما أطعت الله تعالى، فالشيطان الذي يعتريه يعتري غيره، فإنه ما من أحد إلا قد وكل به قرينه من الجن وقرينة من الملائكة، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. فمقصوده بذلك أني لست معصوما، وصدق، والإمام ليس ربا لرعيته