المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٤٥
ابن تيمية: هذا كذب عند كل عارف بالسيرة، فكيف يرسل أبا بكر في جيش أسامة وقد استخلفه على الصلاة، فصلى بهم اثني عشر يوما بالنقل المتواتر، وقد كشف (ص) الستارة يوم الاثنين وقت الصبح وهم يصلون خلف أبي بكر ووجهه كأنه ورقة مصحف وسر بذلك لما رآهم بالصلاة، فكيف يتصور أن يأمره بالخروج وهو يأمره بالصلاة بالناس؟ وإنما أنفذ جيش أسامة بعد موت الرسول (ص) أبو بكر، غير أنه استأذنه في أن يأذن لعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في الإقامة لأنه ذو رأي ناصح للإسلام، فأذن له. وأشار عليه بعضهم بترك الغزاة، فإنهم خافوا أن يطمع الناس في الجيش بموت النبي (ص)، فامتنع أبو بكر وقال:
لا أحل لواء عقده النبي (ص) (1).
ابن مطهر: رووا عن أبي بكر أنه قال على المنبر (إن النبي (ص) كان يعتصم بالوحي، وأن لي شيطانا يعتريني، فإن استقمت فأعينوني، وإن زغت فقوموني) فكيف تجوز إمامة من يستعين بالرعية على تقويمه؟
ابن تيمية: هذا من أكبر فضائله، وأولها على أنه لم يكن طالب رياسة، ولا كان ظالما، فقال إن استقمت على الطاعة فأعينوني عليها، وإن زغت عنها فقوموني، كما قال: أطيعوني ما أطعت الله تعالى، فالشيطان الذي يعتريه يعتري غيره، فإنه ما من أحد إلا قد وكل به قرينه من الجن وقرينة من الملائكة، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. فمقصوده بذلك أني لست معصوما، وصدق، والإمام ليس ربا لرعيته

(1) يكرر ابن تيمية كلامه السابق الذي بناه على عدم وجود أبي بكر وعمر في الجيش. وهو كلام لا أساس له لعدم صحة هذا الادعاء.
أما من جهة إنفاذ بعث أسامة بعد وفاة الرسول فكانت له عدة أهداف:
الأول: التخلص من الصحابة الذين يمثلون المعارضة لحكمه.
الثاني: إثبات قوته أمام العرب..
الثالث: تقوية موقف عمر ساعده الأيمن، إذ أن استثناءه من الجيش بطلب من أبي بكر وافق عليه أسامة يعني تقوية مركزه في المدينة والتمهيد له ليلي الأمر من بعده. ثم إن أبا بكر لا يستطيع إدارة شؤون الحكم بدون عمر فهو الذي حمل على كاهله تنصيبه خليفة والفضل يعود إليه.
ولو قدر لعمر أن يذهب في جيش أسامة لضاعت هيبته واهتزت مكانته وما استطاع أبو بكر الاعتماد عليه لا تنصيبه من بعده..
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست