المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٣٤
ثم هب أنه طلبها وبايعوه. فزعمك أنه طلبها وبايعوه للدنيا كذب ظاهر، فإنه ما أعطاهم دنيا. وقد كان أنفق في حياة الرسول (ص) وقل ما بيده. والذين بايعوه فأزهد الناس في الدنيا، ثم لم يكن عند موت النبي (ص) بيت مال يبذله لهم ثم كانت سيرته ومذهبه التسوية في قسم الفيئ (1).
وأي فائدة دنيوية حصلت لجمهور الأمة بمبايعة أبي بكر؟ لا سيما وهو يسوي بين كبار السابقين وبين آحاد المسلمين في العطاء ويقول: إنما أسلموا لله، وأجورهم على الله، وإنما هذا المتاع بلاغ.
ابن مطهر: وسموه خليفة رسول الله (ص) وما استخلفه في حياته ولا بعد وفاته، ولم يسموا عليا خليفة رسول الله (ص) مع أنه استخلفه على المدينة وقال له (إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك) (2).

(١) كيف لا يكون ما فعله أبو بكر طلبا للدنيا وهو تولي أمر الأمة ولم يكن خير الناس باعترافه؟
وإذا كان ما فعله طلبا للآخرة فقد ضيع آخرته بتعديه على آل البيت؟
ويكفي القول إن أحداث السقيفة لا تدل إلا على طلب الدنيا. إذ كيف لقوم يطلبون الآخرة يتركون رسولهم وهو لم يدفن بعد ويصطرعون على الحكم؟
وكيف لم يعط أنصار أبي بكر دنيا وقد أصبح عمر هو الحاكم الحقيقي في دولة أبي بكر وتلقف الحكم من بعده. وعبد الرحمن بن عوف من أثرياء المدينة وقد استثمر نفوذه في دولته من أجل توسيع تجارته وزيادة مكاسبه. وكذلك حال أبو عبيدة والآخرين. وذلك غير الامتيازات القبلية التي حصلوا عليها، فخلافة أبي بكر رفعت الكثير من القبائل العربية التي لم يكن لها دور ولا نفوذ ولا كانت على الخارطة العربية. تلك القبائل التي ينتمي إليها أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وعبد الرحمن وما كان يمكن أن تقوم لبني أمية قائمة لولا عثمان بن عفان الأموي والذي جاء إلى الحكم عن طريق عمر..
وفيما يتعلق بإنفاق أبي بكر ودوره في الدعوة فهو موضع شك عند الشيعة ولو كان موضع تسليم ما كانت هناك حاجة لهذا الخلاف، وكان يجب على ابن تيمية أن يفقه هذه البديهية وهو يحتج على ابن المطهر بدور أبي بكر وإنفاقه حسب روايات أهل السنة..
(2) ليس هذا هو نص كلام ابن المطهر الوارد في منهاج السنة إنما هو كلام منتقى ومحرف من قوله بيد مغرضة هي يد ناقل المناقشة. أما نص كلام ابن المطهر فهو: وسموه خليفة رسول الله (ص) ولم يستخلفه في حياته ولا بعد وفاته. ولم يسموا أمير المؤمنين خليفة رسول الله مع أنه استخلفه في عدة مواطن منها أنه استخلفه على المدينة في غزوة تبوك وقال إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأمر أسامة بن زيد على الجيش الذين فيهم أبو بكر وعمر ومات ولم يعزله ولم يسموه خليفة ولما تولى أبو بكر غضب أسامة وقال إن رسول الله أمرني عليكم فمن استخلفك علي؟ فمشى إليه هو وعمر حتى استرضياه وكانا يسميانه مدة حياته أميرا..
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست