المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٣٥
ابن تيمية: إن الخليفة معناه في اللغة الذي يخلف غيره كما هو المعروف في اللغة، أو أن يكون من استخلفه غيره كقول الشيعة وبعض الظاهرية.
فعلى الأول أبو بكر خليفة رسول الله (ص) خلفه بعد موته وقام مقامه وكان أحق بها وأهلها فكان هو الخليفة دون غيره ضرورة، فإن الشيعة وغيرهم لا ينازعون في أنه هو صار ولي الأمر بعده، وصار خليفة له يصلي بالمسلمين ويقيم فيهم الحدود، ويقسم عليهم الفيئ، ويغزو بهم ويولي عليهم العمال والأمراء، فهذه باتفاق إنما باشرها بعد موته (ص) أبو بكر، فكان هو الخليفة للرسول (ص) فيها قاطعا. وأما استخلافه (ص) عليا (رضي الله عنه) على المدينة فليس خاصا به، فقد استخلف عليها ابن أم مكتوم وعثمان بن عفان وأبا لبابة بن عبد المنذر، وهذا ليس هو استخلافا مطلقا ولهذا لم يقل في أحد من هؤلاء إنه خليفة رسول الله (ص) إلا مع التقييد.
والنبي (ص) إنما شبه عليا بهارون في أصل الاستخلاف لا في كماله وإلا فاستخلاف موسى لهارون عليهما السلام كان على بني إسرائيل إذ ذهب إلى المناجاة، بخلاف النبي (ص)، وعلي (رضي الله عنه) وأنه كان مع النبي (ص) غالب الناس (1)

(1) يا للعجب. ما هي الصلة بين معنى الخليفة في اللغة وخلافة أبي بكر. هل يريد ابن تيمية القول إن خلاقة أبي بكر موافقة للغة، أم يريد القول أنها صارت أمرا واقعا وعلى الشيعة قبوله..
وقد تبنى ابن تيمية نهج التأويل في مواجهة النصوص الخاصة باستخلاف الإمام علي وهو بهذا يتقيد بعقيدة أهل السنة التي تتبنى التأويل في مواجهة النصوص المحرجة للصحابة والحكام ولا تتبناه في مواجهة النصوص الخاصة بصفات الله تعالى.
وإذا كان ابن تيمية قد شكك في رواية: إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك. رغم أن الحاكم رواه في مستدركه وصححه، فإنه لم يشكك في رواية: أما ترضى أن تكون مني... غير أنه قام بتأويلها وصرفها عن معناها الظاهر مؤكدا أن موسى استخلف هارون على بني إسرائيل، بينما الرسول (ص) استخلف عليا على النساء والصبيان وهو يريد بهذا الاستنتاج أن يقلل من أهمية استخلافه. إلا أن ابن تيمية فاته أن الرسول شبه الإمام عليا بهارون وهذا التشبيه لا يربطه بموقف معين وإنما بصفة دائمة وهي صفة الوصاية والاستخلاف التي كان يتمتع بها هارون.
وحسب استنتاج ابن تيمية يكون قول الرسول (ص) لعلي قد قيل في غير موضعه. وكان من الأجدى أن يقال في موضع آخر يكون فيه استخلاف الإمام على الصحابة لا على النساء والصبيان ولما كان من غير المعقول أن يخطئ الرسول فلا بد أن الخطأ في فهم ابن تيمية للنص ودلالته..
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست