ابن تيمية: إن الخليفة معناه في اللغة الذي يخلف غيره كما هو المعروف في اللغة، أو أن يكون من استخلفه غيره كقول الشيعة وبعض الظاهرية.
فعلى الأول أبو بكر خليفة رسول الله (ص) خلفه بعد موته وقام مقامه وكان أحق بها وأهلها فكان هو الخليفة دون غيره ضرورة، فإن الشيعة وغيرهم لا ينازعون في أنه هو صار ولي الأمر بعده، وصار خليفة له يصلي بالمسلمين ويقيم فيهم الحدود، ويقسم عليهم الفيئ، ويغزو بهم ويولي عليهم العمال والأمراء، فهذه باتفاق إنما باشرها بعد موته (ص) أبو بكر، فكان هو الخليفة للرسول (ص) فيها قاطعا. وأما استخلافه (ص) عليا (رضي الله عنه) على المدينة فليس خاصا به، فقد استخلف عليها ابن أم مكتوم وعثمان بن عفان وأبا لبابة بن عبد المنذر، وهذا ليس هو استخلافا مطلقا ولهذا لم يقل في أحد من هؤلاء إنه خليفة رسول الله (ص) إلا مع التقييد.
والنبي (ص) إنما شبه عليا بهارون في أصل الاستخلاف لا في كماله وإلا فاستخلاف موسى لهارون عليهما السلام كان على بني إسرائيل إذ ذهب إلى المناجاة، بخلاف النبي (ص)، وعلي (رضي الله عنه) وأنه كان مع النبي (ص) غالب الناس (1)