المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٢٤
ابن مطهر: إن الإمامية جازمون بحصول النجاة لهم ولأئمتهم قاطعون بذلك وأهل السنة لا يجزمون بذلك (1).
ابن تيمية: إن كان اتباع أئمتكم الذين تدعى لهم الطاعة المطلقة صوابا، وأن ذلك يوجب لهم النجاة، كان اتباع خلفاء بني أمية مصيبين لأنهم كانوا يعتقدون أن طاعة الأئمة واجبة في كل شئ، وأن الإمام لا يؤاخذه الله (تعالى) بذنب، وأنهم لا ذنب لهم فيما أطاعوا فيه الإمام. بل أولئك أولى بالحجة من الشيعة لأنهم كانوا مطيعين أئمة أقامهم الله ونصبهم وأيدهم وملكهم، ولهذا حصل لاتباع خلفاء بني أمية من المصلحة في دينهم ودنياهم أعظم مما حصل لاتباع المنتظر (2).

(١) إن الرسول (ص) قد حدد في أحاديث كثيرة صحيحة عند أهل السنة أن أهل البيت هم سفينة النجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك. وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي. وأن من أحب الرسول (ص) وآل البيت علي وفاطمة والحسن والحسين كان مع الرسول في درجته يوم القيامة، وغيرها كثير (انظر مسند أحمد والترمذي وأبو داود ومسلم والنسائي).
(2) بهذا الكلام كشف ابن تيمية عن حقيقة هويته. فكلامه هذا يدل على تمسكه بالقياس إلى أقصى درجة ممكنة وهذا يعني أنه متمسك بنهج إبليس. ومن جهة أخرى هو لا يعبر عن أهل السنة بكلامه هذا.
ففي أهل السنة من لا يعترف بإمامة كثير من خلفاء بني أمية وبني العباس. ولا يمكن بحال أن يدخلوا أئمة آل البيت في مقارنة مع هؤلاء.
وقد برهن ابن تيمية بهذا الكلام على أنه يجهل قضية الإمامة عند الشيعة. ويغالي فيها من منظور السنة حتى أنه طرحها من منظور لاهوتي (ثيوقراطي) لا صلة له بالدين.
ومن جهة أخرى برهن على تسيبه وكونه فقيها حكوميا متعصبا لبني أمية وهي سنة فقهاء الشام الذين ينتمي لهم..
وأن المرء ليحتار في مثل هذا الرجل أهو جاهل متعصب أم حاقد مريض؟
والأرجح أنه حاقد مريض حامل أسفار إذ أن صراعاته مع فقهاء السنة المعاصرين له حتى الحنابلة الذين ينتمي لهم تؤكد هذا. فالمسألة عنده لا تنحصر في الشيعة وإنما تنحصر في كل من يخالفه ويشكل خطرا على شخصه وأفكاره الشاذة..
وكلامه هنا أشبه بالتراشق بالحجارة. فكأنه رد على ابن المطهر بقذفه بحجر، فإن اتباع أئمة آل البيت له ما يوجبه شرعا من النصوص القرآنية والنبوية، لكن اتباع بني أمية ما الذي يوجبه؟
وجواب ابن تيمية هو: لأنهم كانوا مطيعين أئمة أقامهم الله ونصبهم وأيدهم وملكهم..
والرد هو: ما هي أدلة ابن تيمية على ذلك؟
وبالطبع لا توجد أدلة على هذا الكلام الذي لا يمثله سوى ابن تيمية. ورغم الموقف المداهن الموالي للحكام الذي يتبناه أهل السنة لم يجرؤ فقيه منهم أن يقول مثل هذا الكلام الخطير في حق بني أمية أو غيرهم من الحكام.
إن الله سبحانه لا ينصب الطغاة والمجرمين ويدعم ملكهم فهذا القول ينسب الظلم إلى الله ويتنافى مع عدله سبحانه. لكن أين ابن تيمية من العدل، وأين هو من العقل؟
وكأن ابن تيمية بهذا الموقف يبارك جرائم بني أمية وعلى رأسها مذبحة كربلاء ومذبحة الحرة وحرق الكعبة بالإضافة إلى جرائم الحجاج. وكأن الله سبحانه أراد هذه الجرائم وباركها، تعالى الله عن ذلك.
ألا يبرهن مثل هذا الكلام على ضلال ابن تيمية وفساد عقيدته.
ثم أين هي المصلحة في الدين والدنيا التي حصل عليها اتباع بني أمية وخسرها أتباع الإمام المهدي؟
هل المصلحة هي اتساع رقعة الدولة بكثرة الفتوحات: الغير مبررة شرعا؟
أم المصلحة في تصفية الشيعة وأبناء الإمام علي وبني هاشم وسيادة نهج أهل السنة؟
أم المصلحة في توطيد حكم الأمويين ونهبهم لبيت مال المسلمين؟
وإذا كان المخالفون الذين يتبعون آل البيت وينتظرون الإمام المهدي لا مصلحة لهم في هذا ولا نصيب لهم في بركات بني أمية التي يبشر بها ابن تيمية فذلك من فضل الله. فلا حاجة لأتباع آل البيت في فتات موائد الحكام ودنيا بني أمية. لأنهم متعلقون بالله والآخرة.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست