المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٣٣
ابن مطهر: بعضهم طلب الأمر لنفسه بغير حق وبايعه أكثر الناس للدنيا (1).
ابن تيمية: تقصد أبو بكر، فمن المعلوم أن أبا بكر لم يطلب الأمر لنفسه، بل قال قد رضيت لكم إما عمر وإما عبد الرحمن وإما أبا عبيدة. وقال عمر فوالله لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أتأمر على قوم فيهم أبو بكر. وإنما اختاره عمر وأبو عبيدة وسائر المسلمين وبايعوه، لعلمهم بأنه خيرهم، وقد قال النبي (ص) " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " (2).

(١) لم أجد هذا الكلام بنصه على لسان ابن المطهر في منهاج السنة ولعله من اختلاق صانع المناقشة.
(٢) هذا الكلام لفقه صانع المناقشة من عدة مواضع من منهاج السنة وليس فيه جملة تقصد أبا بكر. وقد قاله ابن تيمية في معرض الرد على ابن المطهر في عدة أمور تتعلق بخلافة أبي بكر وهذا التلفيق لا يدل على خبث صانع هذه المناقشة الوهمية فحسب بل يدل على غبائه أيضا. إذ بهذا التلفيق يضر بابن تيمية وبأهل السنة. فهو يظهر كلام ابن تيمية بمظهر الركاكة والاضطراب من جهة، ويظهر كلام ابن المطهر وكأنه مختلق عليه. وهذا وحده كاف لهدم هذه المناقشة المزعومة..
وقول ابن تيمية أن أبا بكر يطلب الأمر لنفسه هو صحيح من جهة أن الرجل كان بالسنح بعيدا عن المدينة ولم يشغل نفسه بالخلافة ولا حتى بالرسول ولم يدر ما يدور في سقيفة بني ساعدة حتى جاء إليه عمر وأخبره بالأمر ودفعه إلى التصدي للأنصار وبني هاشم وهم الأغلبية بالإضافة إلى المسلمين من خارج المدينة الذين خرجوا عليه فسلط عليهم خالد بن الوليد فأعمل فيهم سيفه.
وما دار من خلافات وصدامات في سقيفة بني ساعدة بين أبي بكر وعمر وأنصارهما وبين الأنصار يدل دلالة قاطعة على أن أبا بكر وعمر لم يكونا موضع احترام القوم وهذا يقود إلى الشك فيما ورد فيهما من روايات ومن جهة أخرى ما حدث لا يدل على وجود شورى.
ولو لم يكن هناك موقف من الإمام علي الغائب عن السقيفة من قبل أبي بكر وعمر وأنصارهما من المهاجرين لذكر أبو بكر الإمام علي من بين الذين يشرحهم للخلافة وليس أبا عبيدة أو عبد الرحمن أو حتى عمر أفضل من الإمام علي.
ولو لم يكن هناك موقف لكان قد أوصى به حين موته بدلا من عمر.
وكان من الأجدر على الذين اخترعوا مثل هذه الروايات أن يذكروا عليا مع عمر وعبد الرحمن وأبي عبيدة حتى يقطعوا دابر الشك ويضيقوا على خصومهم الشيعة، إلا أن الجاني لا بد وأن يترك أثرا يدل على جريمته..
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست