المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٢٢
ابن تيمية: إن هذا وارد عليكم. فالزيدية تقول بالقياس. ثم القياس خير من تقليد من لم يبلغ في العلم مبلغ المجتهدين كمالك والثوري والشافعي وأحمد. وهم أعلم وأفقه من العسكريين (1).
وقولك " أدخلوا في دين الله ما ليس منه وحرفوا أحكام الشريعة " فهذا ليس في طائفة أكثر من الرافضة. فإنهم كذبوا على الرسول (ص) ما لم يكذبه غيرهم، وردوا من الصدق ما لا يحصى. وحرفوا حيث قالوا " مرج البحرين " علي وفاطمة. " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " الحسن والحسين، " في إمام مبين " علي، " وآل عمران على العالمين " آل أبي طالب، وسموا أبا طالب عمران.
" والشجرة الملعونة " بنو أمية. " أن تذبحوا بقرة " عائشة " لئن أشركت ليحبطن عملك " لئن أشركت بين أبي بكر وعمر، ونحو ذلك مما وجدته في كتبهم، ومن ثم دخلت الإسماعيلية في تأويلات الواجبات والمحرمات، فهم أئمة التحريم (2).

(١) تمادى ابن تيمية في استخفافه بأئمة آل البيت وإعلان عدائه لهم بتكرار ما ادعاه في السابق من أن هؤلاء الفقهاء أعلم من أئمة آل البيت. ثم ما صلة الزيدية بالشيعة الإمامية، كأنه يريد القول إن تبني الزيدية للقياس يعد حجة على الشيعة، يا له من برهان.
(٢) احتجاج ابن تيمية بهذه الأقاويل الواردة في كتب التفسير الشيعية يفتح الباب للاحتجاج على أهل السنة بما تحوي كتب التفسير السنية من خرافات وأكاذيب وهي أكثر بكثير مما جاء في كتب الشيعة (انظر كتب أسباب النزول وكتب التفسير مثل تفسير الطبري وابن كثير والدر المنثور وروح المعاني والقرطبي وغيرها وانظر كتاب الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير لمحمد أبو شهبة). وإذا كان هناك من تصدى لهذه الأكاذيب والخرافات عند السنة. فهناك من تصدى لها عند الشيعة.
فمن ثم من باب المنهج العلمي لا يصح الاحتجاج بمثلها.
ونحن هنا لن نعرض للنصوص الواردة في كتب التفسير السنية. وإنما سوف نعرض لعدد من الخرافات والأكاذيب التي وردت في كتب الصحاح عندهم والتي هي موضع تسليم وثبوت لديهم.
ومن هذه الخرافات:
- سحر رسول الله (ص) حتى أنه يخيل إليه أنه يفعل الشئ وما فعله.
وفي رواية أخرى: حتى كأنه يرى يأتي النساء ولا يأتيهن (البخاري كتاب بدء الخلق وكتاب الطب، ومسلم كتاب الطب).
- لم يكذب إبراهيم النبي إلا ثلاث كذبات.. (مسلم كتاب الفضائل والبخاري كتاب بدء الخلق).
- قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين.. فلم يقل إن شاء الله، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، (مسلم كتاب الإيمان والبخاري كتاب الجهاد).
- أرسل ملك الموت إلى موسى فلما جاءه صكه.. أي ضربه على عينه ففقأها فرجع إلى ربه فقال:
أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت فرد الله عينه.. (البخاري كتاب الجنائز ومسلم باب فضائل موسى).
- قرضت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت.. (البخاري كتاب الجهاد والسير ومسلم كتاب قتل الحيات).
- يضع رب العزة قدمه في النار حتى تقول: قط قط. (البخاري كتاب التفسير وكتاب التوحيد ومسلم باب النار يدخلها الجبارون).
- خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا (البخاري كتاب الاستئذان ومسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها).
كان موسى يغتسل عريانا ووضع ثيابه على حجر فأخذ الحجر ثيابه وفر. فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر وهو يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بين إسرائيل فرأوه عريانا، وقام الحجر فأخذ بثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه (البخاري كتاب الغسل ومسلم باب فضائل موسى).
- الرسول رأى ربه في المنام ووضع كفه بين كتفيه حتى وجد برودة أنامله بين ثدييه.. (الترمذي ج 5 / تفسير سورة ص).
- يكشف ربنا عن ساقه فيسجد كل مؤمن ومؤمنة (البخاري كتاب التفسير).
وهذه الرواية الأخيرة اعتبروها تفسير قوله تعالى: * (يوم يكشف عن ساق...) *.
ومثل هذه الروايات كثير عند أهل السنة وهم قد أحاطوها بسياج من العصمة فلا يجوز أن يقترب منها أحد وإلا اتهم بالمروق والزندقة. وقد ناقشنا هذه الروايات وغيرها بتوسع في كتابنا دفاع عن الرسول. إن أصول الاحتجاج العلمي تقتضي أن يحتج على الخصم بما هو يعتنقه وثابت لديه وهو ما تفعله الشيعة على الدوام في مواجهة أهل السنة الذين يتسلحون في مواجهتها بأكاذيب وإشاعات وتأويلات وتبريرات واهية.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست