المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٢٦
ابن تيمية: هذا يرد على مثبتة الحال. وأما الجمهور فعندهم كونه عالما هو العلم. وبتقدير أن يقال كونه عالما مفتقر إلى العلم الذي هو لازم لذاته ليس في هذا إثبات فقر له إلى غير ذاته، فإن ذاته مستلزمة للعلم. والعلم مستلزم لكونه عالما.
فذاته هي الموجبة لهذا، فالعلم كمال، وكونه عالما كمال، فإذا أوجبت ذاته هذا كان كما لو أوجبت الحياة والقدرة (1). ابن مطهر: لم يجعلوه عالما لذاته، قادرا لذاته (2).
ابن تيمية: إن أردت أنهم لم يجعلوه عالما قادرا لذات مجردة عن العلم والقدرة كما يقول نفاة الصفات أنه ذات مجردة عن الصفات فهذا حق، لأن الذات المجردة، عن العلم والقدرة لا حقيقة لها في الخارج ولا هي الله. وإن أردت أنهم لم يجعلوه عالما قادرا لذاته المستلزمة للعلم والقدرة فهذا غلط عليهم، بل نفس ذاته الموجبة لعلمه وقدرته هي التي أوجبت كونه عالما قادرا وأوجبت علمه وقدرته، فإن هذه الأمور متلازمة.
ابن مطهر: جعلوه محتاجا ناقصا في ذاته كاملا بغيره.
ابن تيمية: كلام باطل، فإنه هو الذات الموصوفة بالصفات اللازمة لها. وما في الخارج ذات مجردة عن صفات وليست صفات الله غير الله.
ابن مطهر: ذهب بعضهم إلى أن الله ينزل كل ليلة جمعة بالنداء هل من تائب؟

(1) تنص عقيدة أهل السنة حول صفات الله سبحانه أن صفاته هي عين ذاته، بينما عقيدة الشيعة ومعها المعتزلة تقوم على أن الله ما زال بصفاته قديما قبل خلقه. لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، كما كان بصفته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديا. وهذا رد على الشيعة والمعتزلة والجهمية ومن وافقهم. وأهل السنة يرفضون التأويل في صفات الله فالعلم هو العلم ولا يجوز عندهم القول بأن معنى العلم هو لا يجهل مثلا، فصفات الله تؤخذ على الحقيقة لا على المجاز الذي تأخذ به الشيعة وغيرها.
وابن تيمية هنا يسعى إلى تأكيد هذا باستخدام المنطق والعقل اللذين يحاربهما على الدوام. وليته استخدمها على الدوام لكان ارتقى خلقا واستقام حجة..
(2) هذا الكلام محرف على لسان ابن المطهر. فهو هنا ينطق بلسان أهل السنة الذين يرون أن الله عالم لذاته قادر لذاته. وكأن الشيعة يقولون بذلك، وهذا يدل على تخبط ابن تيمية وتخبط الناقل عنه..
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست