المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١١٨
أحدهما أن كثيرا من أهل النظر الذين ينكرون النص يثبتون العدل والحكمة كالمعتزلة ومن وافقهم (1).
ثم سائر أهل السنة ما فيهم من يقول إنه تعالى ليس بحكيم ولا أنه يفعل قبيحا فليس في المسلمين من يتكلم بإطلاق هذا إلا حل دمه (2).
ابن مطهر: أهل السنة يقولون إن الله يفعل الظلم والعبث.
ابن تيمية: إن هذا القول لم يقل به مسلم. تعالى الله عن ذلك. بل يقولون خلق أفعال العباد - إذا قال * (هو خالق كل شئ) * - التي هي من فاعلها لا هي ظلم من خالقها. كما أنه إذا خلق عبادتهم وحجهم وصومهم لم يكن هو حاجا ولا صائما ولا عابدا. وكذا إذا خلق في محل صفة أو فعلا لم يتصف هو بتلك الصفة ولا بذلك الفعل. ولو كان كذلك لاتصف بكل ما خلقه من الأعراض.
ابن مطهر: إنهم - أي أهل السنة - يقولون إن المطيع لا يستحق ثوابا. والعاصي لا يستحق عقابا بل قد يعذب النبي ويرحم إبليس.
ابن تيمية: هذه فرية أخرى على أهل السنة. وما فيهم من يقول: إنه يعذب نبيا.
ولا أنه يثيب إبليس. بل قالوا يجوز أن يعفو عن المذنب وأن يخرج أهل الكبائر من النار فلا يخلد فيها أهل التوحيد أحدا.

(1) هذا الكلام يعد من صور التضليل إذ أن أهل النظر الذين ينكرون النص ويثبتون العدل ليسوا من أهل السنة وقد صرح ابن تيمية بذلك في قوله: كالمعتزلة ومن وافقهم. فهل يعتبر ابن تيمية المعتزلة ومن وافقهم من أهل السنة؟..
(2) كلام ابن تيمية يؤكد سطحيته وجهله في آن واحد. إذ لا يعقل أن يكون هناك من بين الفرق والاتجاهات الإسلامية شيعة وغيرهم من ينفي الحكمة عن الله ويقول إنه يفعل القبيح سبحانه.
لكن أهل السنة يتبنون من الروايات وأقوال الرجال ما يؤدي إلى ذلك. وهو ما تنص عليه كتب العقائد عندهم ومن هذه النصوص: فعال العباد كلها من طاعات ومعاصي مخلوقة لله. إن الله سبحانه من الممكن أن يدخل المطيع النار والعاصي الجنة. إن الله قسم خلقه فرقتين: فرقة خلقها للجنة وفرقه خلقها للنار. وهذه النصوص تتنافى مع حكمة الله وعدله وتنسب القبح إليه إذ أن أفعال العباد ما دامت من خلق الله فهي تنسب إليه. وإدخال المطيع النار يتنافى مع حكمته (انظر شرح العقيدة الطحاوية. وشرح الواسطية وأصول أهل السنة للأشعري وشرح عقائد أهل السنة للألكائي ولمعة الاعتقاد. وهذه الكتب تكتظ بالروايات والأقوال التي تؤكد هذا الاعتقاد الباطل الذي يدين به أهل السنة).
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 115 116 117 118 119 120 121 122 124 ... » »»
الفهرست