المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١١١
ابن مطهر: إن الله (تعالى) نصب أولياء معصومين لئلا يخلي العالم من لطفه (1) ابن تيمية: أنتم تقولون أن الأئمة المعصومون مقهورون مظلومون عاجزون ليس لهم سلطان ولا قدرة، حتى أنكم تقولون ذلك في علي (رضي الله عنه) منذ مات النبي (ص) إلى أن استخلف، وفي الاثني عشر، وتقرون أن الله (تعالى) ما مكنهم ولا ملكهم وقد قال الله تعالى: * (فقد أتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) * (2).
(١) يظهر من كلام ابن المطهر أنه لا يحوي ردا على ما سبق من كلام ابن تيمية. بل طرح قضية جديدة وهي قضية اللطف الإلهي وصلته بالإمامة. وقد طرحها دون أن يبرهن عليها. وهذا يدل على أنه لا وجود للحوار والمناقشة وإنما هي تعبيرات وجمل منتقاة بعناية من كتاب منهاج الكرامة وفي مقابلها كلام وشتائم ابن تيمية والتي هي منتقاة أيضا..
(٢) النساء / ٥٤. ولا وجه للاستدلال بهذه الآية في هذا الموضع فالناقل قد أحرج ابن تيمية بوضع هذه الآية بهذا الموضع الذي يفيد عكس ما يريد ابن تيمية إثباته. وبدا وكأنه يؤكد فكرة الإمامة إذ أن هذا النص القرآني يفيد أن الله سبحانه أعطى آل بيت إبراهيم الكتاب والحكمة والملك فليس من الغريب أن يعطي آل محمد الكتاب والحكمة والملك وهم امتداد لسلالة إبراهيم. (انظر تفسير هذه الآية في مجمع البيان للطبرسي وكتب التفسير الخاصة بالشيعة).
ومثل هذا النص إنما يحرج أهل السنة ويظهرهم بمظهر المخالفين للقرآن بعدم اعترافهم بإمامة آل البيت وتنصيبهم للحكام مكانهم..
والشيعة لا تنكر أن أئمة آل البيت الاثني عشر لم تتح لهم فرصة التمكن والسيادة والسلطان وليس هذا بسببهم إنما هو بسبب المسلمين الذين تخلوا عنهم وتحالفوا مع الحكام من بني أمية وبني العباس. إلا أن هذا لا يعني أنه لم يكن لهم دور على المستوى الفقهي والسياسي والاجتماعي فقد كان لهم دور بارز في الساحة العلمية والسياسية وكانت لهم شعبية طاغية أخافت الحكام منهم ودفعتهم إلى التخلص منهم بالقتل عن طريق السم..
ولا يعني عدم نجاح أئمة آل البيت في تحقيق السيادة والتمكن والانتشار لدعوتهم أنهم فشلوا. فلم تكن مسألة الحكم هي قضية آل البيت فهم حجج على العباد مبلغون للحق يهدون الناس إليه بالحكمة والموعظة الحسنة.
وتحقيق السيادة والتمكن والانتشار للدعوة لم يتحقق للأنبياء والرسل فهل يمكن القول إن الأنبياء والرسل قصروا في أداء مهمتهم ولم يكونوا أهلا لها؟
إن الكثرة والسيادة والتمكن والانتشار ليست مقياسا للحق ولا نص على ذلك القرآن. لكنها على ما هو ظاهر من كلام ابن تيمية هي مقياس الحق. فأهل السنة على مر التاريخ هم الكثرة وهم الفرقة الآمنة في كنف الحكام المدعومة من قبلهم السائدة وسط المسلمين إلا أن ابن تيمية يؤكد أنه لم تحصل منفعة من أئمة آل البيت منهم في نظره كبقية أهل العلم من الفقهاء ومنفعتهم تنحصر في هذا المحيط على ما سوف يظهر من كلامه القادم..