المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١١٧
والليث والأوزاعي والثوري وأبا حنيفة والشافعي وأحمد وأمثالهم أعلم من العسكريين بدين الله والواجب على مثل العسكريين أن يتعلموا من الواحد من هؤلاء (1) ومن المعلوم أن علي بن الحسين وأبا جعفر بن محمد كانوا هم العلماء الفضلاء. وأن من بعدهم لم يعرف عنه من العلم ما عرف عن هؤلاء ومع هذا فكانوا يتعلمون من علماء زمانهم ويرجعون إليهم (2).
ابن مطهر: أهل السنة لم يثبتوا العدل والحكمة.
ابن تيمية: هذا نقل باطل عنهم من وجهين:

(١) إجابة ابن تيمية هنا تفيد أن ابن المطهر احتج على السنة بإباحتها القياس لا تحريمه. وابن تيمية يصرح هنا أن فقهاء السنة هم أعلم من الإمام الحسن العسكري والإمام المهدي الذين عبر عنهم بلفظ العسكريين وكان من الواجب عليهما أن يتلقيا الدين من مالك والليث والشافعي والثوري وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل. وكيف يكون ذلك وهؤلاء جميعهم كانوا عيالا على أجدادهما يتعلمون منهم وينقلون عنهم هل يريد ابن تيمية أن يترك كلاهما النقل عن أجدادهما الأئمة ويتلقون الدين من تلاميذهم؟
وهل لو سار هؤلاء التلاميذ على نهج أئمة آل البيت ولم يخالفوهم ويسايروا الواقع ويدينوا للحكام كان من الممكن أن يعترف بهم ابن تيمية؟
(٢) أكثر ابن تيمية من تقديم البراهين على جهله وتسرعه في إصدار الأحكام. وهنا يقدم لنا برهانا جديدا من هذه البراهين بقوله: من المعلوم أن علي بن الحسين وأبا جعفر بن محمد.. الخ.
فليس هذا من المعلوم في شئ، فقد كان الإمام علي بن الحسين المعروف بزين العابدين يعيش في عصر الإرهاب والقتل فمن ثم لجأ إلى السرية التامة وتبنى وسيلة الدعاء لنشر دعوة آل البيت ولم يكن له فقه ظاهر. وقد برز الفقه والنقل بعد ذلك على يد ولده محمد بن علي المعروف بالباقر الذي بشربه الرسول (ص) ثم برز بصورة أكبر وأكثر علانية على يد جعفر بن محمد المعروف بالصادق الذي استثمر فترة الحريات في عصره لإعلان نهج آل البيت ونشر علومهم فأقبل عليه الآلاف من طلبة العلم في المدينة - مقره - وخارجها. وكان من هؤلاء مالك وسفيان الثوري وأبو حنيفة والشافعي والفضيل بن عياض ومن تتلمذ على أيديهم ونقل عنهم فيما بعد أحمد بن حنبل. وقد بلغ مجموع تلاميذه أكثر من أربعة آلاف. فكيف يخفى عن ابن تيمية هذا الأمر ويدعي أن من بعد زين العابدين والباقر لم يعرف عنهم العلم وكيف له أن يدعي أن الأئمة من بعدهما كانوا يتعلمون من علماء زمانهم ويرجعون إليهم؟
انظر تهذيب التهذيب ج ٢ / ١٠٢ وتذكرة الحفاظ ج ١ / 157 والملل والنحل ج 1 / 272 والصواعق المحرقة / 102 ليتبين لك أن العلم بكامله جاء عن طريق أئمة آل البيت وانظر كتب الشيخ أبو زهرة.
ولعن الله السياسة التي سلطت الأضواء على ركش القوم وحجبتها عن آل البيت. وراح ضحية ذلك الجميع: عامة وفقهاء..
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست