يقول ابن تيمية في مقدمة كتابه: أحضر إلى طائفة من أهل السنة والجماعة كتابا صنفه بعض شيوخ الرافضة في عصرنا منفقا لهذه البضاعة يدعو به إلى مذهب الرافضة الإمامية من أمكنه دعوته من ولاة الأمور وغيرهم من أهل الجاهلية ممن قلت معرفتهم بالعلم والدين ولم يعرفوا أصل دين المسلمين وأعانه على ذلك من عادتهم إعانة الرافضة من المتظاهرين بالإسلام من أصناف الباطنية الملحدين الذين هم في الباطن من الصابئة الفلاسفة الخارجين عن حقيقة متابعة المرسلين الذين لا يوجبون اتباع دين الإسلام ولا يحرمون اتباع ما سواه من الأديان. بل يجعلون الملل بمنزلة المذاهب والسياسات التي يسوغ أتباعها وأن النبوة نوع من السياسة العادلة التي وضعت المصلحة العامة في الدنيا. فإن هذا الصنف يكثرون ويظهرون إذا كثرت الجاهلية وأهلها. ولم يكن هناك من أهل العلم بالنبوة والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة الضلال. ويكشف ما في خلافها من الإفك والشرك والمحال. وهؤلاء لا يكذبون بالنبوة تكذيبا مطلقا. بل هم يؤمنون ببعض أحوالها ويكفرون ببعض الأحوال وهم متفاوتون فيما يؤمنون به ويكفرون به من تلك الخلال. فلهذا يلتبس أمرهم بسبب تعظيمهم للنبوات على كثير من أهل الجهالات. والرافضة والجهمية هم الباب لهؤلاء الملحدين منهم يدخلون إلى سائر أصناف الإلحاد في أسماء الباطنية وغيرهم من المنافقين وذكر من أحضر هذا الكتاب أنه من أعظم الأسباب في تقرير (مذاهبهم) عند من مال إليهم من الملوك وغيرهم. وقد صنفه للملك المعروف الذي سماه (خدا بنده) وطلبوا مني بيان ما في هذا الكتاب من الضلال وباطل الخطاب لما في ذلك من نصر عباد الله المؤمنين وبيان أقوال المفترين الملحدين. فأخبرتهم أن هذا الكتاب وإن كان من أعلى ما يقولون في باب الحجة والدليل فالقوم من أضل الناس عن سواء السبيل.
فإن الأدلة إما نقلية وإما عقلية. والقوم من أضل الناس في المنقول والمعقول في المذاهب والتقرير.. (1).