المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٠٨
أم كيف يكون الإيمان بإمامة محمد بن الحسن المنتظر من أربعمائة ونيف وستين ليخرج من سرداب سامراء أهم من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه (1)؟
وإن كان ما بأيديكم كافيا في الدين فلا حاجة إلى المنتظر، وإن لم يكن كافيا فقد أقررتم بالنقص والشقاء حيث كانت سعادتكم موقوفة على أمر آمر لا تعلمون بماذا أمر (2).
وقولك " إن الإمامة أحد أركان الدين " جهل وبهتان فإن النبي (ص) فسر (الإيمان) وشعبه، ولم يذكر " الإمامة " في أركانه ولا جاء ذلك في القرآن (3).

(١) هذا الادعاء من ابن تيمية كذب ولا أساس له من الصحة وهو يبرهن على أن الرجل يلقي بالتهم دون بيان ودون اطلاع على طرح الخصم، فالشيعة تعتقد في غيبة الإمام المهدي وأنه اختفى في مكان ما وسوف يعود في آخر الزمان، ولكن من قال سوف يخرج من سرداب سامراء وأن الإيمان به أهم من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه؟
ألا يعني مثل هذا الحكم الجائر العشوائي تكفير الشيعة؟
ألا يعني أن ابن تيمية يبني موقفه على أساس من الشائعات التي يروجها خصوم الشيعة لا على أساس الموقف العلمي الصحيح؟
إن ابن تيمية بقوله هذا قد أخرج نفسه من دائرة أهل العلم المنصفين الباحثين عن الحقيقة الملتزمين بالنصوص وأدخل نفسه في دائرة الغوغاء المتعصبين..
(٢) هذا الكلام فيه تناقض وجهل إذ انتظار المهدي لا يعني نقصان الدين ولا يعني أنه سوف يأتي بما يكمل الدين. وإذا كان هذا التصور الذي طرحه ابن تيمية ينطبق على الشيعة فهو ينطبق على السنة أيضا. فالشيعة والسنة كلاهما ينتظر المهدي والفارق بينهما هو أن السنة تعتقد بأنه لم يولد بعد.
بينما تعتقد الشيعة بوجوده واختفائه فهل ابن تيمية يجهل النصوص الصحيحة التي تزدحم بها كتب السنن عندهم والتي تؤكد عقيدة المهدي وظهوره في آخر الزمان؟
(٣) هذا الادعاء من قبل ابن تيمية يدين أهل السنة لا الشيعة. فأهل السنة قد أدخلوا الكثير من المفاهيم والقضايا الفكرية محل الخلاف في صميم العقيدة وجعلوا الالتزام بها بالدين والإخلال بها مروق وكفر وزندقة دون سند شرعي أو نص صريح قاطع ومن هذه القضايا والمفاهيم:
مسألة الأسماء والصفات ووجوب الاعتقاد أن الله له يد ورجل وعين ويضحك ويحزن..
وتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
توحيد الألوهية:
وتوحيد الربوبية.
وتوحيد الأسماء والصفات..
ومسألة الاعتقاد بأن الرسول (ص) معصوم في حدود التبليغ فقط..
ومسألة الاعتقاد بوجوب طاعة الحكام باعتبارهم أئمة ولو كانوا فجرة ظلمة..
ومسألة الاعتقاد في صحة البخاري ومسلم صحة مطلقة..
ومسألة وجوب الاعتقاد بصحة نهج السلف..
وغير ذلك من المسائل التي تكتظ بها كتب العقائد. انظر العقيدة الطحاوية للطحاوي والعقيدة الواسطية لابن تيمية وعقيدة أهل السنة لابن حنبل والأشعري وغيرها من كتب العقائد، أما الشيعة فتتحصن بالعشرات من النصوص القرآنية والنبوية التي تقود في النهاية إلى اعتبار الإمامة أصل من أصول الدين.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 108 109 111 112 113 115 ... » »»
الفهرست