أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الأقاويل، فانتقدوا ما قرع أسماعهم فاتبعوا الحق، ورفضوا الباطل، ولم يسمعوا ما في أهل الضلال، وأكاذيب رهط السفاهة، فأنت أيضا كن صيرفيا لما يبلغك من الأقاويل، ناقدا منتقدا آخذا بالحق رافضا للباطل، وليس المراد أنهم كانوا صيارفة الدراهم، كما هو المتبادر إلى بعض الأوهام، لأنهم كانوا فتية من أشراف الروم مع عظم شأنهم وكبر خطرهم - انتهى كلامه.
ويتوجه عليه: أن من الممكن أن يقال ان قوله يعني إلى آخره، ليس هو من كلام الامام فإنما هو من كلام الصدوق، يدل على ذلك أن هذه الرواية بعينها ذكرت في التهذيب في باب الحرف المكروهة إلى قوله: ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة، بدون الزيادة المذكورة وحينئذ فلا مانع من حمل الرواية على ظاهرها، ويكون فيها دلالة على جواز الصرافة المخصوصة ردا على الحسن حيث اعتقد عدم جواز فعلها كما دل عليه قوله: كذب الحسن، خذ سواء واعط سواء فإذا حضر وقت الصلاة فدع ما في يدك وانهض إلى الصلاة وحينئذ فلا ينافي كونها من الحرف المذمومة اتصاف أهل الكهف بها مع كونهم أشرافا لان شرع من تقدمنا غير شرعنا. فلعلها فيه لم تكن مكروهة، وإذا كان الامر كذلك حملنا الصرف على معناه الحقيقي دون غيره، ولا حاجة إلى التكلف.
والصيرفي: المحتال المتصرف في الأمور.
وصرف الدهر: حدثانه ونوائبه والجمع صروف كفلس وفلوس.
وصرف الحديث: تزيينه بالزيادة فيه.
والصرف بالكسر: الشراب الذي لم يمزج.
ويقال لكل خالص من شوائب الكدر:
صرف، لأنه صرف عن الخلط.
وصرف الله عنك الأذى أي قلبه عنك وأزاله.
ومنه الحديث " لم يزل الامام مصروفا عنه قوارف السوء ".
وصرفت الرجل في أمري فتصرف فيه، واضطرب في طلب الكسب.