مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٦
دليل على أنه لم يشأ فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء وعلم الله تعالى السابق للمشيئة " (1) ولم تجد أحدا إلا ولله تعالى عليه حجة ولله فيه المشيئة، ولا أقول انهم ما شاؤا صنعوا " ثم قال: " إن الله يهدي ويضل ". قال بعض الأفاضل، في هذا الكلام - أعني قوله: لا أقول ما شاؤا صنعوا - نفي لما اعتقده المعتزلة من أن العباد ما شاؤا صنعوا، يعني إنهم مستقلون بمشيئتهم وقدرتهم ولا توقف لها على مشيئة الله تعالى وإرادته وقضائه، وهذا يخرج الله عن سلطانه.
وفى حديث يونس: لا يكون إلا بما شاء الله وأراد وقدر وقضى. فقال الرضا (ع): " يا يونس ليس هكذا لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى " (2). قيل: فيه إنكار كلام يونس لاجل إدخال باء السببية على المشيئة وغيرها المستلزمة لمسببها لا من أجل توقف أفعال العباد عليها توقف الشرط على المشروط.
وفي حديث أيضا: " لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، يا يونس تعلم ما المشيئة "؟ قلت: لا، قال: " هي الذكر الأول، فتعلم ما الإرادة "؟ قلت: لا، قال: " هي العزيمة عل ما يشاء، فتعلم ما القدر "؟ قلت: لا، قال: " هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء " ثم قال: " والقضاء هو الابرام وإقامة العين " (3). قال بعض الأفاضل: كأن المراد من الذكر الأول والعزيمة والقدر والقضاء النقوش الثابتة في اللوح المحفوظ، ومن تفسير القدر بالهندسة تقديرات الأشياء من طولها وعرضها، والهندسة عند أهل اللسان هي تقدير مجاري القنى حيث تحفر.
والشئ في اللغة عبارة عن كل موجود إما حسا كالأجسام وإما حكما كالأقوال، نحو: " قلت شيئا ".

(١) الكافي ج ١ / ١١٣.
(٢)، (٣) هذان الحديثان هما حديث واحد مذكور في الكافي ج ١ ص ١٥٨.
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب د 3
2 باب ذ 80
3 باب ر 112
4 باب ز 263
5 باب س 315
6 باب ش 471
7 باب ص 575