شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٦٦٨
وأكرم بأبي بكر أبا، ولله درك عالما، وحسبك بزيد رجلا، وكفى به عالما " (1).
193 - و * يا جارتا ما أنت جاره * * * *
(١) ذهب ابن هشام إلى أن التمييز في كل هذه الأمثلة من تمييز النسبة، وليس بسديد، بل في الكلام تفصيل، وتلخيصه أنه إن كان في الكلام ضمير غائب، ولم يبين مرجعه، كما في قولهم " لله دره فارسا " كان من تمييز المفرد، لان افتقاره إلى بيان عينه في هذه الحال أشد من افتقاره لبيان نسبة التعجب إليه، فإن لم يكن ضمير أصلا، نحو لله در زيد فارسا، أو كان ضمير خطاب، نحو لله درك فارسا، أو كان ضمير غائب علم مرجعه نحو زيد لله دره فارسا فهو من تمييز النسبة، وتلخيص هذا أنه يكون تمييز مفرد في صورة واحدة، ويكون تمييز نسبة في ثلاث صور.
١٩٣ - هذا عجز بيت للأعشى ميمون بن قيس، وصدره قوله:
* بانت لتحزننا عفاره * اللغة: " بانت " بعدت، وفارقت " لتحزننا " لتدخل الحزن إلى قلوبنا، وتقول:
حزنني هذا الامر يحزنني، من باب نصر، وأحزنني أيضا، وفي التنزيل العزيز: (إني ليحزنني أن تذهبوا به) " عفارة " اسم امرأة.
الاعراب: " يا " حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الاعراب " جارتا " منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفا، وجارة مضاف، وياء المتكلم المنقلبة ألفا مضاف إليه " ما " اسم استفهام مقصود به التعظيم مبتدأ، مبني على السكون في محل رفع " أنت " خبر المبتدأ " جاره " تمييز يقصد به بيان جنس ما وقع عليه التعجب وهو الجوار.
الشاهد فيه: قوله " جاره " حيث وقع تمييزا بعد ما اقتضى التعجب، وهو قوله:
" ما أنت ".
فإن قلت: أهو تمييز نسبة أم تمييز ذات؟
قلت: لا خلاف بين أحد من العلماء الذين جعلوا " جاره " تمييزا في أنه من قبيل تمييز النسبة، أما ابن هشام فالامر عنده ظاهر، لأنه جعل هذا النوع كله من تمييز النسبة، وأما على ما ذكرناه قريبا من الفرق بين بعض المثل وبعضها الآخر فهو أيضا من تمييز النسبة، لان الضمير المذكور في الكلام ضمير مخاطب، فهو معلوم ما يراد به.
فإن قلت: فهل يجوز أن أجعل " جارة " شيئا غير التمييز؟
قلت: قد ذهب جمهرة عظيمة من العلماء إلى أنه حال، وأرى لك أن تأخذ به.