شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٤٥٠
نحو " قل ذا مشفقا " ف " ذا " مفعول أول، و " مشفقا " مفعول ثان، ومن ذلك قوله:
136 قالت وكنت رجلا فطينا: * هذا لعمر الله إسرائينا ف " هذا ": مفعول أول لقالت، و " إسرائينا ": مفعول ثان.
* * * .
136 - البيت لأعرابي صاد ضبا فأتى به أهله، فقالت له امرأته " هذا لعمر الله إسرائيل " أي: هو ما مسخ من بني إسرائيل، ورواه الجواليقي في كتابه " المعرب " هكذا:
وقال أهل السوق لما جينا: هذا لعمر الله إسرائينا اللغة: " فطينا " وصف من الفطنة، وتقول: فطن الرجل يفطن - بوزان علم يعلم، فطنة - بكسر فسكون - وفطانة، وفطانية - بفتح الفاء فيهما - وتقول أيضا: فطن يفطن بوزان قعد يقعد، والفطنة: الفهم، والوصف المشهور من هذه المادة فطن - بفتح فكسر - " جينا " أصله جئنا - بالهمزة - فلينه بقلب الهمزة الساكنة حرف مد من جنس حركة ما قبلها " إسرائين " لغة في إسرائيل، كما قالوا: جبرين، وإسماعين.
يريدون: جبريل، وإسماعيل.
الاعراب: " قالت " قال: فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي " وكنت " الواو واو الحال، كان: فعل ماض ناقص. والتاء اسمه " رجلا " خبر كان " فطينا " صفة لرجل، والجملة من كان واسمها وخبرها في محل نصب حال " هذا " ها: حرف تنبيه، واسم الإشارة مفعول أول لقالت، بمعنى ظننت " لعمر " اللام لام الابتداء، عمر: مبتدأ، وخبره محذوف وجوبا، والتقدير لعمر الله يميني، وعمر مضاف و " الله " مضاف إليه، وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها من الاعراب معترضة بين المفعول الأول والثاني " إسرائينا " مفعول ثان لقالت.
الشاهد فيه: قوله " قالت. هذا. إسرائينا " حيث أعمل " قال " عمل " ظن " فنصب به مفعولين، أحدهما: اسم الإشارة - وهو " ذا " من " هذا " والثاني " إسرائينا " هكذا قالوا. والذي حملهم على هذا أنهم وجدوا " إسرائينا " منصوبا.
وأنت لو تأملت بعض التأمل لوجدت أنه يمكن أن يكون " هذا " مبتدأ، " إسرائينا " مضاف إلى محذوف يقع خبرا، وتقدير الكلام " هذا ممسوخ إسرائينا " فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه على جره بالفتحة نيابة عن الكسرة، لأنه لا ينصرف للعلمية والعجمة.
وحذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على جره جائز، وإن كان قليلا في مثل ذلك، وقد قرئ في قوله تعالى: (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة) بجر الآخرة على تقدير مضاف محذوف يقع منصوبا مفعولا به ليريد، والأصل: والله يريد ثواب الآخرة.
وهكذا خرجه ابن عصفور، وتخريج الجماعة أولى، لان الأصل عدم الحذف، لان حذف المضاف وبقاء المضاف إليه على حاله قليل في هذه الحالة، ونصب المفعولين بالقول مطلقا لغة لبعض العرب كما قرره الناظم والشارح.