شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٤٠٠
الثاني: النصب عطفا على محل اسم " لا "، وتكون " لا " الثانية زائدة بين العاطف والمعطوف، نحو " لا حول ولا قوة إلا بالله " ومنه قوله:
110 - لا نسب اليوم ولا خلة * اتسعالخرق على الراقع .
110 - البيت لأنس بن العباس بن مرداس، وقيل: بل هو لأبي عامر جد العباس ابن مرداس، ويروى عجز البيت كما رواه الشارح العلامة من كلمة عينية، وبعده:
كالثوب إذ أنهج فيه البلى * أعيا على ذي الحيلة الصانع وروى أبو علي القالي صدر هذا البيت مع عجز آخر، وهو:
* اتسعالخرق على الراتق * من كلمة قافية، وقبله:
لا صلح بيني فأعلموه ولا * بينكم، ما حملت عاتقي سيفي، وما كنا بنجد، وما * قرقر قمر الواد بالشاهق اللغة: " خلة " بضم الخاء وتشديد اللام هي الصداقة، وقد تطلق الخلة على الصديق نفسه، كما في قول رجل من بني عبد القيس، وهو أحد شعراء الحماسة.
ألا أبلغا خلتي راشدا * وصنوي قديما إذا ما تصل " الراقع " ومثله " الراتق " الذي يصلح موضع الفساد من الثوب " أنهج " أخذ في البلى " أعيا " صعب، وشق، واشتد " العاتق " موضع الرداء من المنكب " قرقر قمر " قرقر: صوت، وصاح، و " قمر " يجوز أن يكون جمع أقمر، فوزانه وزان أحمر وحمر وأصفر وصفر، ويجوز أن يكون جمع قمري، كروم في جمع رومي " الشاهق " الجبل المرتفع.
الاعراب: " لا " نافية للجنس " نسب " اسمها، مبني على الفتح في محل نصب " اليوم " ظرف متعلق بمحذوف خبر لا " ولا " الواو عاطفة، ولا: زائدة لتأكيد النفي " خلة " معطوف على نسب، بالنظر إلى محل اسم " لا " الذي هو النصب " اتسع " فعل ماض " الخرق " فاعل لاتسع " على الراقع " جار ومجرور متعلق بقوله " اتسع ".
الشاهد فيه: قوله " ولا خلة " حيث نصب على تقدير أن تكون " لا " زائدة للتأكيد، ويكون " خلة " معطوفا بالواو على محل اسم " لا " وهو قوله " نسب " عطف مفرد على مفرد، وهذا هو الذي حمله الشارح تبعا لجمهور النحاة عليه.
وقال يونس بن حبيب: إن " خلة " مبني على الفتح في محل نصب، ولكنه نونه للضرورة، وبناؤه على الفتح عنده على أن " لا " الثانية عاملة عمل " إن " مثل الأولى، وخبرها محذوف يرشد إليه خبر الأولى، والتقدير " ولا خلة اليوم " والواو قد عطفت جملة " لا " الثانية مع اسمها وخبرها على جملة لا الأولى، وهو كلام لا متمسك له، بل يجب ألا يحمل عليه الكلام، لان الحمل على وجه يستتبع الضرورة لا يجوز متى أمكن الحمل على وجه سائغ لا ضرورة معه.
وقال الزمخشري في مفصله: إن " خلة " منصوب بفعل مضمر، وليس معطوفا على لفظ اسم لا، ولا على محله، والتقدير عنده: لا نسب اليوم ولا تذكر خلة، وهو تكلف لا مقتضى له، ويلزم عليه عطف الجملة الفعلية على الجملة الاسمية، والأفضل في العطف توافق الجملة المعطوفة مع الجملة المعطوف عليها في الفعلية والاسمية ونحوهما.