شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٣١٣
ولا تعمل عند الحجازيين إلا بشروط ثلاثة (1):
أحدها: أن يكون الاسم والخبر نكرتين، نحو " لا رجل أفضل منك "، ومنه قوله:
78 - تعز فلا شئ على الأرض باقيا * ولا وزر مما قضى الله واقيا .
(1) وبقي من شروط إعمال " لا " عمل ليس شرطان، أولهما: ألا تكون لنفي الجنس نصا، فإن كانت لنفي الجنس نصا عملت عمل إن المؤكدة التي تنصب الاسم وترفع الخبر، وبنى اسمها حينئذ على الفتح إن لم يكن مضافا ولا شبيها به، والشرط الثاني: ألا يتقدم معمول الخبر على اسمها، فإن تقدم نحو " لا عندك رجل مقيم ولا امرأة " أهملت.
78 - هذا البيت من الشواهد التي لم يذكروا لها قائلا معينا.
اللغة: " تعز " أمر من التعزي، وأصله من العزاء، وهو التصبر والتسلي على المصائب " وزر " هو الملجأ، والواقي، والحافظ " واقيا " اسم فاعل من الوقاية، وهي الرعاية والحفظ.
المعنى: اصبر على ما أصابك، وتسل عنه، فإنه لا يبقى على وجه الأرض شئ، وليس للانسان ملجأ يقيه ويحفظه مما قضاه الله تعالى.
الاعراب: " تعز " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " فلا " الفاء تعليلية، ولا: نافية تعمل عمل ليس " شئ " اسمها " على الأرض " جار ومجرور متعلق بقوله " باقيا " الآتي، ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف صفة لشئ " باقيا " خبر لا " ولا " نافية " وزر " اسمها " مما " من: حرف جر، وما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن، والجار والمجرور متعلق بقوله " واقيا " الآتي " قضى الله " فعل وفاعل، والجملة لا محل لها صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره:
مما قضاه الله، و " واقيا " خبر لا.
الشاهد فيه: قوله " لا شئ باقيا، ولا وزر واقيا " حيث أعمل " لا " في الموضعين عمل ليس، واسمها وخبرها نكرتان.
هذا، وقد ذهب أبو الحسن الأخفش إلى أن " لا " ليس لها عمل أصلا، لا في الاسم ولا في الخبر، وأن ما بعدها مبتدأ وخبر، وذهب الزجاج إلى أن " لا " تعمل الرفع في الاسم ولا تعمل شيئا في الخبر، والخبر بعدها لا يكون مذكورا أبدا، وكلا المذهبين فاسد، وبيت الشاهد رد عليهما جميعا، فالخبر مذكور فيه فكان ذكره ردا لما ذهب إليه الزجاج، وهو منصوب، فكان نصبه ردا لما زعمه الأخفش.