شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٢٩٢
وأكثر ما تزاد بلفظ الماضي، وقد شذت زيادتها بلفظ المضارع في قول أم عقيل بن أبي طالب:
71 - أنت تكون ماجد نبيل * إذا تهب شمأل بليل * * * .
71 - البيت - كما قال الشارح - لام عقيل بن أبي طالب، وهي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهي زوج أبي طالب بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم وأبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، تقوله وهي ترقص ابنها عقيلا، ويروى بيت الشاهد مع ما قبله هكذا:
إن عقيلا كاسمه عقيل * وبيبي الملفف المحمول أنت تكون السيد النبيل * إذا تهب شمأل بليل * يعطي رجال الحي أو ينيل * اللغة: " ماجد " كريم " نبيل " فاضل شريف " تهب " مضارع هبت الريح هبوبا وهبيبا، إذا هاجت " شمأل " هي ريح تهب من ناحية القطب " بليل " رطبة ندية.
الاعراب: " أنت " ضمير منفصل مبتدأ " تكون " زائدة " ماجد " خبر المبتدأ " نبيل " صفة لماجد " إذا " ظرف لما يستقبل من الزمان " تهب " فعل مضارع " شمأل " فاعل تهب " بليل " نعت لشمأل، والجملة من الفعل والفاعل في محل جر بإضافة " إذا " إليها، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام، والتقدير:
إذا تهب شمأل بليل فأنت ماجد نبيل حينئذ.
الشاهد فيه: قولها " أنت تكون ماجد " حيث زادت المضارع من " كان " بين المبتدأ وخبره، والثابت زيادته إنما هو الماضي دون المضارع، لان الماضي لما كان مبنيا أشبه الحرف، وقد علمنا أن الحروف تقع زائدة، كالباء، وقد زيدت الباء في المبتدأ في نحو " بحسبك درهم " وزيدت في خبر ليس في نحو قوله تعالى (أليس الله بكاف عبده) ونحو ذلك، فأما المضارع فهو معرب، فلم يشبه الحرف، بل أشبه الاسم، فتحصن بذلك عن أن يزاد، كما أن الأسماء لا تزاد إلا شذوذا، وهذا إيضاح كلام الشارح وتخريج كلامه وتعليله.
والقول بزيادة " تكون " شذوذا في هذا البيت قول ابن الناظم وابن هشام وتبعهما من جاء بعدهما من شراح الألفية، وهما تابعان في ذلك لابن السيد وأبي البقاء.
ومما استدل به على زيادة " تكون " بلفظ المضارع قول حسان بن ثابت:
كأنه سبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء روياه برفع " مزاجها عسل وماء " على أنها جملة من مبتدأ وخبر في محل رفع صفة لسبيئة وزعما أن " يكون " زائدة.
والرد على ذلك أن الرواية بنصب " مزاجها " على أنه خبر يكون مقدما، ورفع " عسل وماء " على أنه اسم يكون مؤخر، ولئن سلمنا رواية رفعهما فليس يلزم عليها زيادة يكون، بل هي عاملة، واسمها ضمير شأن محذوف، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب خبرها.
وكذلك بيت الشاهد، ليست " تكون " فيه زائدة، بل هي عاملة، واسمها ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وخبرها محذوف، والجملة لا محل لها معترضة بين المبتدأ وخبره، والتقدير: أنت ماجد نبيل تكونه.