شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٢٣٧
على اللام، فلا تقول: " قائم لزيد " لان لام الابتداء لها صدر الكلام، وقد جاء التقديم شذوذا، كقول الشاعر:
53 - خالي لانت، ومن جرير خاله * ينل العلاء ويكرم الأخوالا ف " لانت " مبتدأ [مؤخر] و " خالي " خبر مقدم.
.
53 - البيت من الشواهد التي لم يعرف قائلها.
اللغة: " جرير " يروى في مكانه " تميم "، ويروى أيضا عويف " العلاء " بفتح العين المهملة ممدودا - الشرف والرفعة، وقيل: هو مصدر على في المكان يعلى، مثل رضى يرضى، وأما في المرتبة فيقال: علا يعلو، مثل سما يسمو سموا.
الاعراب: " خالي لانت " يجوز فيه إعرابان أحدهما أن يكون " خال " مبتدأ، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، واللام للابتداء، و " أنت " خبر المبتدأ، وفيه - على هذا الوجه من الاعراب - شذوذ من حيث دخول اللام على الخبر، مع أنها خاصة بالدخول على المبتدأ، وثانيهما أن يكون " خالي " خبرا مقدما، و " لانت " مبتدأ مؤخرا، وهذا الوجه هو الذي قصد الشارح الاستشهاد بالبيت من أجله، وليس شاذا من الجهة التي ذكرناها أولا، وإن كان فيه الشذوذ الذي ذكره الشارح، وسنبينه عند الكلام على الاستشهاد " ومن " الواو للاستئناف، من: اسم موصول مبتدأ " جرير " مبتدأ " خاله " خال: خبر المبتدأ الذي هو جرير، وخال مضاف والضمير مضاف إليه، والجملة من جرير وخبره لا محل لها صلة الموصول " ينل " فعل مضارع تشبيها للموصول بالشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من " العلاء " مفعول به لينل، وجملة الفعل والفاعل والمفعول في محل رفع خبر المبتدأ، وهو من " ويكرم " الواو عاطفة، يكرم: فعل مضارع معطوف على " ينل " وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من " الأخوالا " قال العيني: هو مفعول به، وهو بعيد كل البعد، ولا يسوغ إلا على أن يكون يكرم مضارع أكرم مبنيا للمجهول، والأولى أن يكون قوله: " يكرم " مضارع كرم ويكون قوله " الأخوالا " تمييزا: إما على مذهب الكوفيين الذين يجوزون دخول " أل " المعرفة على التمييز، وإما على أن تكون أل زائدة على ما قاله البصريون في قول الشاعر:
* وطبت النفس يا قيس عن عمرو * الشاهد فيه: في هذا البيت ثلاثة شواهد للنحاة:
الأول: في قوله " ينل العلاء " فإن هذا فعل مضارع لم يسبقه ناصب ولا جازم، وقد كان من حقه أن يجئ به الشاعر مرفوعا فيقول " ينال العلاء " ولكنه جاء به مجزوما، فحذف عين الفعل كما يحذفها في " لم بخف " ونحوه، والحامل له على الجزم تشبيه الموصول بالشرط كما شبهه الشاعر به حيث يقول:
كذاك الذي يبغي على الناس ظالما تصبه على رغم عواقب ما صنع وليس لك أن تزعم أن من في قوله " من جرير خاله " شرطية، فلذلك جزم المضارع في جوابها، لان ذلك يستدعي أن تجعل جملة " جرير خاله " شرطا، وهو غير جائز عند أحد من النحاة، لان جملة الشرط لا تكون اسمية أصلا (وانظر - مع ذلك - شرح الشاهد رقم 58 الآتي).
والشاهد الثاني: في قوله " ويكرم الأخوالا " فإنه تمييز، وقد جاء به معرفة، وهذا يدل للكوفيين الذين يرون جواز مجئ التمييز معرفة، والبصريون يقولون:
أل في هذا زائدة لا معرفة، والشاهد الثالث: - وهو الذي من أجله أنشد الشارح هذا البيت هنا - في قوله " خالي لانت " حيث قدم الخبر مع أن المبتدأ متصل بلام الابتداء، شذوذا، وفي البيت توجيهات أخرى أشرنا إلى أحدها في الاعراب، والثاني: أنه أراد " لخالي أنت " فأخر اللام إلى الخبر ضرورة، والثالث: أن يكون أصل الكلام " خالي لهو أنت " فخالي: مبتدأ أول، والضمير مبتدأ ثان، وأنت: خبر الثاني، فحذفت الضمير، فاتصلت اللام بخبره مع أنها لا تزال في صدر ما ذكر من جملتها.
ومثل هذا البيت في هذين التوجيهين قول الراجز:
أم الحليس لعجوز شهربه * ترضى من اللحم بعظم الرقبة