لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٣٥٤
قل إن هدى الله هو الهدى، أي الصراط الذي دعا إليه هو طريق الحق.
وقوله تعالى: إن علينا للهدى، أي إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلال. وقد هداه هدى وهديا وهداية وهدية وهداه للدين هدى وهداه يهديه في الدين هدى. وقال قتادة في قوله عز وجل: وأما ثمود فهديناهم، أي بينا لهم طريق الهدى وطريق الضلالة فاستحبوا أي آثروا الضلالة على الهدى.
الليث: لغة أهل الغور هديت لك في معنى بينت لك. وقوله تعالى:
أولم يهد لهم، قال أبو عمرو بن العلاء: أولم يبين لهم. وفي الحديث: أنه قال لعلي سل الله الهدى، وفي رواية: قل اللهم اهدني وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد تسديدك السهم، والمعنى إذا سألت الله الهدى فأخطر بقلبك هداية الطريق وسل الله الاستقامة فيه كما تتحراه في سلوك الطريق، لأن سالك الفلاة يلزم الجادة ولا يفارقها خوفا من الضلال، وكذلك الرامي إذا رمى شيئا سدد السهم نحوه ليصيبه، فأخطر ذلك بقلبك ليكون ما تنويه من الدعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي. وقوله عز وجل: الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى، معناه خلق كل شئ على الهيئة التي بها ينتفع والتي هي أصلح الخلق له ثم هداه لمعيشته، وقيل: ثم هداه لموضع ما يكون منه الولد، والأول أبين وأوضح، وقد هدي فاهتدى. الزجاج في قوله تعالى: قل الله يهدي للحق، يقال: هديت للحق وهديت إلى الحق بمعنى واحد، لأن هديت يتعدى إلى المهديين، والحق يتعدى بحرف جر، المعنى: قل الله يهدي من يشاء للحق. وفي الحديث: سنة الخلفاء الراشدين المهديين، المهدي: الذي قد هداه الله إلى الحق، وقد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة، وبه سمي المهدي الذي بشر به النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه يجئ في آخر الزمان، ويريد بالخلفاء المهديين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا، رضوان الله عليهم، وإن كان عاما في كل من سار سيرتهم، وقد تهدى إلى الشئ واهتدى. وقوله تعالى: ويزيد الله الذين اهتدوا هدى، قيل: بالناسخ والمنسوخ، وقيل: بأن يجعل جزاءهم أن يزيدهم في يقينهم هدى كما أضل الفاسق بفسقه، ووضع الهدى موضع الاهتداء. وقوله تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، قال الزجاج: تاب من ذنبه وآمن بربه ثم اهتدى أي أقام على الإيمان، وهدى واهتدى بمعنى. وقوله تعالى: إن الله لا يهدي من يضل، قال الفراء: يريد لا يهتدي. وقوله تعالى: أم من لا يهدي إلا أن يهدى، بالتقاء الساكنين فيمن قرأ به، فإن ابن جني قال: لا يخلو من أحد أمرين: إما أن تكون الهاء مسكنة البتة فتكون التاء من يهتدي مختلسة الحركة، وإما أن تكون الدال مشددة فتكون الهاء مفتوحة بحركة التاء المنقولة إليها أو مكسورة لسكونها وسكون الدال الأولى، قال الفراء: معنى قوله تعالى: أم من لا يهدي إلا أن يهدى، يقول: يعبدون ما لا يقدر أن ينتقل عن مكانه إلا أن ينقلوه، قال الزجاج:
وقرئ أم من لا يهدي، بإسكان الهاء والدال، قال: وهي قراءة شاذة وهي مروية، قال: وقرأ أبو عمرو أم من لا يهدي، بفتح الهاء، والأصل لا يهتدي. وقرأ عاصم: أم من لا يهدي، بكسر الهاء، بمعنى يهتدي أيضا، ومن قرأ أم من لا يهدي خفيفة، فمعناه يهتدي أيضا.
يقال: هديته فهدى أي اهتدى، وقوله أنشده
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست