ولذلك مثلها سيبويه بما اعتلت لامه فقال هي بمنزلة شروى، وأما أبو عمر الجرمي فذهب إلى أنها فعتل، وأن التاء فيها علم تأنيثها وخالف سيبويه، ويشهد بفساد هذا القول أن التاء لا تكون علامة تأنيث الواحد إلا وقبلها فتحة نحو طلحة وحمزة وقائمة وقاعدة، أو أن يكون قبلها ألف نحو سعلاة وعزهاة، واللام في كلتا ساكنة كما ترى، فهذا وجه، ووجه آخر أن علامة التأنيث لا تكون أبدا وسطا، إنما تكون آخرا لا محالة، قال: وكلتا اسم مفرد يفيد معنى التثنية بإجماع من البصريين، فلا يجوز أن يكون علامة تأنيثه التاء وما قبلها ساكن، وأيضا فإن فعتلا مثال لا يوجد في الكلام أصلا فيحمل هذا عليه، قال:
وإن سميت بكلتا رجلا لم تصرفه في قول سيبويه معرفة ولا نكرة، لأن ألفها للتأنيث بمنزلتها في ذكرى، وتصرفه نكرة في قول أبي عمر لأن أقصى أحواله عنده أن يكون كقائمة وقاعدة وعزة وحمزة، ولا تنفصل كلا ولا كلتا من الإضافة. وقال ابن الأنباري: من العرب من يميل ألف كلتا ومنهم من لا يميلها، فمن أبطل إمالتها قال ألفها ألف تثنية كألف غلاما وذوا، وواحد كلتا كلت، وألف التثنية لا تمال، ومن وقف على كلتا بالإمالة فقال كلتا اسم واحد عبر عن التثنية، وهو بمنزلة شعري وذكرى.
وروى الأزهري عن المنذري عن أبي الهيثم أنه قال: العرب إذا أضافت كلا إلى اثنين لينت لامها وجعلت معها ألف التثنية، ثم سوت بينهما في الرفع والنصب والخفض فجعلت إعرابها بالألف وأضافتها إلى اثنين وأخبرت عن واحد، فقالت: كلا أخويك كان قائما ولم يقولوا كانا قائمين، وكلا عميك كان فقيها، وكلتا المرأتين كانت جميلة، ولا يقولون كانتا جميلتين،. قال الله عز وجل: كلتا الجنتين آتت أكلها، ولم يقل آتتا. ويقال: مررت بكلا الرجلين، وجاءني كلا الرجلين، فاستوى في كلا إذا أضفتها إلى ظاهرين الرفع والنصب والخفض، فإذا كنوا عن مخفوضها أجروها بما يصيبها من الإعراب فقالوا أخواك مررت بكليهما، فجعلوا نصبها وخفضها بالياء، وقالوا أخواي جاءاني كلاهما فجعلوا رفع الاثنين بالألف، وقال الأعش في موضع الرفع:
كلا أبويكم كان فرعا دعامة يريد كل واحد منهما كان فرعا، وكذلك قال لبيد:
فغدت، كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة: خلفها وأمامها غدت: يعني بقرة وحشية، كلا الفرجين: أراد كلا فرجيها، فأقام الألف واللام مقام الكناية، ثم قال تحسب، يعني البقرة، أنه ولم يقل أنهما مولى المخافة أي ولي مخافتها، ثم ترجم عن كلا الفرجين فقال خلفها وأمامها، وكذلك تقول: كلا الرجلين قائم وكلتا المرأتين قائمة، وأنشد:
كلا الرجلين أفاك أثيم وقد ذكرنا تفسير كل في موضعه. الجوهري: كلا في تأكيد الاثنين نظير كل في المجموع، وهو اسم مفرد غير مثنى، فإذا ولي اسما ظاهرا كان في الرفع والنصب والخفض على حالة واحدة بالألف، تقول: رأيت كلا الرجلين، وجاءني كلا الرجلين، ومررت بكلا الرجلين، فإذا اتصل بمضمر قلبت الألف ياء في موضع الجر والنصب، فقلت: رأيت كليهما ومررت بكليهما، كما تقول عليهما، وتبقى في الرفع على حالها، وقال الفراء: هو مثنى مأخوذ من كل فخففت اللام وزيدت الألف للتثنية، وكذلك كلتا