لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ١٠٥
وجلس أبو عثمان إلى أبي عبيدة فجاءه رجل فسأله فقال له: كيف تأمر من قولنا عنيت بحاجتك؟ فقال له أبو عبيدة:
أعن بحاجتي، فأومأت إلى الرجل أن ليس كذلك، فلما خلونا قلت له: إنما يقال لتعن بحاجتي، قال: فقال لي أبو عبيدة لا تدخل إلي، قلت: لم؟ قال: لأنك كنت مع رجل دوري سرق مني عام أول قطيفة لي، فقلت: لا والله ما الأمر كذلك، ولكنك سمعتني أقول ما سمعت، أو كلاما هذا معناه. وحكى ابن الأعرابي وحده: عنيت بأمره، بصيغة الفاعل، عناية وعنيا فأنا به عن، وعنيت بأمرك فأنا معني، وعنيت بأمرك فأنا عان. وقال الفراء: يقال هو معني بأمره وعان بأمره وعن بأمره بمعنى واحد. قال ابن بري: إذا قلت عنيت بحاجتك، فعديته بالباء، كان الفعل مضموم الأول، فإذا عديته بفي فالوجه فتح العين فتقول عنيت، قال الشاعر:
إذا لم تكن في حاجة المرء عانيا نسيت، ولم ينفعك عقد الرتائم وقال بعض أهل اللغة: لا يقال عنيت بحاجتك إلا على معنى قصدتها، من قولك عنيت الشئ أعنيه إذا كنت قاصدا له، فأما من العناء، وهو العناية، فبالفتح نحو عنيت بكذا وعنيت في كذا. وقال البطليوسي: أجاز ابن الأعرابي عنيت بالشئ أعنى به، فأنا عان، وأنشد: عان بأخراها طويل الشغل، له جفيران وأي نبل وعنيت بحاجتك أعنى بها وأنا بها معني، على مفعول. وفي الحديث: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه أي لا يهمه.
وفي الحديث عن عائشة، رضي الله عنها: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا اشتكى أتاه جبريل فقال بسم الله أرقيك من كل داء يعنيك، من شر كل حاسد ومن شر كل عين، قوله يعنيك أي يشغلك. ويقال:
هذا الأمر لا يعنيني أي لا يشغلني ولا يهمني، وأنشد:
عناني عنك، والأنصاب حرب، كأن صلابها الأبطال هيم أراد: شغلني، وقال آخر:
لا تلمني على البكاء خليلي، إنه ما عناك قدما عناني وقال آخر:
إن الفتى ليس يعنيه ويقمعه إلا تكلفه ما ليس يعنيه أي لا يشغله، وقيل: معنى قول جبريل، عليه السلام، يعنيك أي يقصدك. يقال: عنيت فلانا عنيا أي قصدته. ومن تعني بقولك أي من تقصد. وعناني أمرك أي قصدني، وقال أبو عمرو في قوله الجعدي:
وأعضاد المطي عواني أي عوامل. وقال أبو سعيد: معنى قوله عواني أي قواصد في السير. وفلان تتعناه الحمى أي تتعهده، ولا تقال هذه اللفظة في غير الحمى. ويقال: عنيت في الأمر أي تعنيت فيه، فأنا أعنى وأنا عن، فإذا سألت قلت: كيف من تعنى بأمره؟ مضموم لأن الأمر عناه، ولا يقال كيف من تعنى بأمره.
وعانى الشئ: قاساه. والمعاناة: المقاساة. يقال:
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست