لسان العرب - ابن منظور - ج ١٢ - الصفحة ٣٨٨
تركب، وهذا سهم نضال أي من شأنه أن يناضل به، وكذلك حروف المعجم أي من شأنها أن تعجم، فإن قيل إن جميع الحروف ليس معجما إنما المعجم بعضها، ألا ترى أن الألف والحاء والدال ونحوها ليس معجما فكيف استجازوا تسمية جميع هذه الحروف حروف المعجم؟ قيل: إنما سميت بذلك لأن الشكل الواحد إذا اختلفت أصواته، فأعجمت بعضها وتركت بعضها، فقد علم أن هذا المتروك بغير إعجام هو غير ذلك الذي من عادته أن يعجم، فقد ارتفع أيضا بما فعلوا الإشكال والاستبهام عنهما جميعا، ولا فرق بين أن يزول الاستبهام عن الحرف بإعجام عليه، أو ما يقوم مقام الإعجام في الإيضاح والبيان، ألا ترى أنك إذا أعجمت الجيم بواحدة من أسفل والخاء بواحدة من فوق وتركت الحاء غفلا فقد علم بإغفالها أنها ليست بواحدة من الحرفين الآخرين، أعني الجيم والخاء؟ وكذلك الدال والذال والصاد وسائر الحروف، فلما استمر البيان في جميعها جاز تسميتها حروف المعجم. وسئل أبو العباس عن حروف المعجم: لم سميت معجما؟ فقال: أما أبو عمرو الشيباني فيقول أعجمت أبهمت، وقال: والعجمي مبهم الكلام لا يتبين كلامه، قال: وأما الفراء فيقول هو من أعجمت الحروف، قال: ويقال قفل معجم وأمر معجم إذا اعتاص، قال: وسمعت أبا الهيثم يقول معجم الخط هو الذي أعجمه كاتبه بالنقط، تقول: أعجمت الكتاب أعجمه إعجاما، ولا يقال عجمته، إنما يقال عجمت العود إذا عضضته لتعرف صلابته من رخاوته. وقال الليث: المعجم الحروف المقطعة، سميت معجما لأنها أعجمية، قال: وإذا قلت كتاب معجم فإن تعجيمه تنقيطه لكي تستبين عجمته وتضح، قال الأزهري: والذي قاله أبو العباس وأبو الهيثم أبين وأوضح. وفي حديث عطاء: سئل عن رجل لهز رجلا فقطع بعض لسانه فعجم كلامه فقال: يعرض كلامه على المعجم، فما نقص كلامه منها قسمت عليه الدية، قال ابن الأثير: حروف المعجم حروف أ ب ت ث، سميت بذلك من التعجيم، وهو إزالة العجمة بالنقط.
وأعجمت الكتاب: خلاف قولك أعربته، قال رؤبة (* قوله قال رؤبة تبع فيه الجوهري، وقال الصاغاني: الشعر للحطيئة):
الشعر صعب وطويل سلمه، إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه، زلت به إلى الحضيض قدمه، والشعر لا يسطيعه من يظلمه، يريد أن يعربه فيعجمه معناه يريد أن يبينه فيجعله مشكلا لا بيان له، وقيل:
يأتي به أعجميا أي يلحن فيه، قال الفراء: رفعه على المخالفة لأنه يريد أن يعربه ولا يريد أن يعجمه، وقال الأخفش:
لوقوعه موقع المرفوع لأنه أراد أن يقول يريد أن يعربه فيقع موقع الإعجام، فلما وضع قوله فيعجمه موضع قوله فيقع رفعه، وأنشد الفراء:
الدار أقوت بعد محرنجم، من معرب فيها ومن معجم والعجم: النقط بالسواد مثل التاء عليه نقطتان. يقال:
أعجمت الحرف، والتعجيم مثله، ولا يقال عجمت. وحروف المعجم: هي الحروف
(٣٨٨)
مفاتيح البحث: إبن الأثير (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست