لسان العرب - ابن منظور - ج ١٢ - الصفحة ٣٨٧
أعجم، وهو ملك الروم. وقوله عز وجل: أأعجمي وعربي، بالاستفهام، جاء في التفسير: أيكون هذا الرسول عربيا والكتاب أعجمي. قال الأزهري:
ومعناه أن الله عز وجل قال: ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا هلا فصلت آياته عربية مفصلة الآي كأن التفصيل للسان العرب، ثم ابتدأ فقال: أأعجمي وعربي، حكاية عنهم كأنهم يعجبون فيقولون كتاب أعجمي ونبي عربي، كيف يكون هذا؟ فكان أشد لتكذيبهم، قال أبو الحسن: ويقرأ أأعجمي، بهمزتين، وآعجمي بهمزة واحدة بعدها همزة مخففة تشبه الألف، ولا يجوز أن تكون ألفا خالصة لأن بعدها عينا وهي ساكنة، ويقرأ أعجمي، بهمزة واحدة والعين مفتوحة، قال الفراء:
وقراءة الحسن بغير استفهام كأنه جعله من قبل الكفرة، وجاء في التفسير أن المعنى لو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا هلا بينت آياته، أقرآن ونبي عربي، ومن قرأ آعجمي بهمزة وألف فإنه منسوب إلى اللسان الأعجمي، تقول: هذا رجل أعجمي إذا كان لا يفصح، كان من العجم أو من العرب. ورجل عجمي إذا كان من الأعاجم، فصيحا كان أو غير فصيح، والأجود في القراءة آعجمي، بهمزة وألف على جهة النسبة إلى الأعجم، ألا ترى قوله: ولو جعلناه قرآنا أعجميا؟ ولم يقرأه أحد عجميا، وأما قراءة الحسن: أعجمي وعربي، بهمزة واحدة وفتح العين، فعلى معنى هلا بينت آياته فجعل بعضه بيانا للعجم وبعضه بيانا للعرب. قال: وكل هذه الوجوه الأربعة سائغة في العربية والتفسير.
وأعجمت الكتاب: ذهبت به إلى العجمة، وقالوا: حروف المعجم فأضافوا الحروف إلى المعجم، فإن سأل سائل فقال: ما معنى حروف المعجم؟ هل المعجم صفة لحروف هذه أو غير وصف لها؟ فالجواب أن المعجم من قولنا حروف المعجم لا يجوز أن يكون صفة لحروف هذه من وجهين: أحدهما أن حروفا هذه لو كانت غير مضافة إلى المعجم لكانت نكرة والمعجم كما ترى معرفة ومحال وصف النكرة بالمعرفة، والآخر أن الحروف مضافة ومحال إضافة الموصوف إلى صفته، والعلة في امتناع ذلك أن الصفة هي الموصوف على قول النحويين في المعنى، وإضافة الشئ إلى نفسه غير جائزة، وإذا كانت الصفة هي الموصوف عندهم في المعنى لم تجز إضافة الحروف إلى المعجم، لأنه غير مستقيم إضافة الشئ إلى نفسه، قال: وإنما امتنع من قبل أن الغرض في الإضافة إنما هو التخصيص والتعريف، والشئ لا تعرفه نفسه لأنه لو كان معرفة بنفسه لما احتيج إلى إضافته، إنما يضاف إلى غيره ليعرفه، وذهب محمد بن يزيد إلى أن المعجم مصدر بمنزلة الإعجام كما تقول أدخلته مدخلا وأخرجته مخرجا أي إدخالا وإخراجا. وحكى الأخفش أن بعضهم قرأ: ومن يهن الله فما له من مكرم، بفتح الراء، أي من إكرام، فكأنهم قالوا في هذا الإعجام، فهذا أسد وأصوب من أن يذهب إلى أن قولهم حروف المعجم بمنزلة قولهم صلاة الأولى ومسجد الجامع، لأن معنى ذلك صلاة الساعة الأولى أو الفريضة الأولى ومسجد اليوم الجامع، فالأولى غير الصلاة في المعنى والجامع غير المسجد في المعنى، وإنما هما صفتان حذف موصوفاهما وأقيما مقامهما، وليس كذلك حروف المعجم لأنه ليس معناه حروف الكلام المعجم ولا حروف اللفظ المعجم، إنما المعنى أن الحروف هي المعجمة فصار قولنا حروف المعجم من باب إضافة المفعول إلى المصدر، كقولهم هذه مطية ركوب أي من شأنها أن
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»
الفهرست