لسان العرب - ابن منظور - ج ١٢ - الصفحة ٣٠
قال: والصواب أميهة، ترد إلى أصل تأسيسها، ومن قال أميمة صغرها على لفظها، وهم الذين يقولون أمات، وأنشد:
إذ الأمهات قبحن الوجوه، فرجت الظلام بأماتكا وقال ابن كيسان: يقال أم وهي الأصل، ومنهم من يقول أمة، ومنهم من يقول أمهة، وأنشد:
تقبلتها عن أمة لك، طالما تنوزع بالأسواق عنها خمارها يريد: عن أم لك فألحقها هاء التأنيث، وقال قصي:
عند تناديهم بهال وهبي، أمهتي خندف، والياس أبي فأما الجمع فأكثر العرب على أمهات، ومنهم من يقول أمات، وقال المبرد: والهاء من حروف الزيادة، وهي مزيدة في الأمهات، والأصل الأم وهو القصد، قال أبو منصور: وهذا هو الصواب لأن الهاء مزيدة في الأمهات، وقال الليث: من العرب من يحذف ألف أم كقول عدي بن زيد:
أيها العائب، عند، أم زيد، أنت تفدي من أراك تعيب وإنما أراد عندي أم زيد، فلما حذف الألف التزقت ياء عندي بصدر الميم، فالتقى ساكنان فسقطت الياء لذلك، فكأنه قال: عندي أم زيد. وما كنت أما ولقد أممت أمومة، قال ابن سيده: الأمهة كالأم، الهاء زائدة لأنه بمعنى الأم، وقولهم أم بينة الأمومة يصحح لنا أن الهمزة فيه فاء الفعل والميم الأولى عين الفعل، والميم الأخرى لام الفعل، فأم بمنزلة در وجل ونحوهما مما جاء على فعل وعينه ولامه من موضع، وجعل صاحب العين الهاء أصلا، وهو مذكور في موضعه. الليث: إذا قالت العرب لا أم لك فإنه مدح عندهم، غيره:
ويقال لا أم لك، وهو ذم. قال أبو عبيد: زعم بعض العلماء أن قولهم لا أم لك قد وضع موضع المدح، قال كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه:
هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا، وماذا يؤدي الليل حين يؤوب؟
قال أبو الهيثم في هذا البيت: وأين هذا مما ذهب إليه أبو عبيد؟
وإنما معنى هذا كقولهم: ويح أمه وويل أمه والويل لها، وليس للرجل في هذا من المدح ما ذهب إليه، وليس يشبه هذا قولهم لا أم لك لأن قوله أم لك في مذهب ليس لك أم حرة، وهذا السب الصريح، وذلك أن بني الإماء عند العرب مذمومون لا يلحقون ببني الحرائر، ولا يقول الرجل لصاحبه لا أم لك إلا في غضبه عليه مقصرا به شاتما له، قال: وأما إذا قال لا أبا لك، فلم يترك له من الشتيمة شيئا، وقيل: معنى قولهم لا أم لك، يقول أنت لقيط لا تعرف لك أم. قال ابن بري في تفسير بيت كعب بن سعد قال: قوله هوت أمه، يستعمل على جهة التعجب كقولهم: قاتله الله ما أسمعه ما يبعث الصبح: ما استفهام فيها معنى التعجب وموضعها نصب بيبعث، أي أي شئ يبعث الصبح من هذا الرجل؟ أي إذا أيقظه الصبح تصرف في فعل ما يريده. وغاديا منصوب على الحال والعامل فيه يبعث، ويؤوب: يرجع، يريد أن إقبال الليل سبب رجوعه إلى بيته كما أن إقبال النهار
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست