لسان العرب - ابن منظور - ج ١٢ - الصفحة ١٤٣
إن في الجنة دارا، ووصفها ثم قال: لا ينزلها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو محكم في نفسه. ومحكم اليمامة رجل قتله خالد بن الوليد يوم مسيلمة. والمحكم، بفتح الكاف (* قوله والمحكم بفتح الكاف إلخ كذا في صحاح الجوهري، وغلطه صاحب القاموس وصوب أنه بكسر الكاف كمحدث، قال ابن الطيب محشيه: وجوز جماعة الوجهين وقالوا هو كالمجرب فإنه بالكسر الذي جرب الأمور، وبالفتح الذي جربته الحوادث، وكذلك المحكم بالكسر حكم الحوادث وجربها وبالفتح حكمته وجربته، فلا غلط)، الذي في شعر طرفة إذ يقول:
ليت المحكم والموعوظ صوتكما تحت التراب، إذا ما الباطل انكشفا (* قوله ليت المحكم إلخ في التكملة ما نصه: يقول ليت أني والذي يأمرني بالحكمة يوم يكشف عني الباطل وأدع الصبا تحت التراب، ونصب صوتكما لأنه أراد عاذلي كفا صوتكما).
هو الشيخ المجرب المنسوب إلى الحكمة. والحكمة: العدل. ورجل حكيم: عدل حكيم. وأحكم الأمر: أتقنه، وأحكمته التجارب على المثل، وهو من ذلك. ويقال للرجل إذا كان حكيما: قد أحكمته التجارب. والحكيم: المتقن للأمور، واستعمل ثعلب هذا في فرج المرأة فقال:
المكثفة من النساء المحكمة الفرج، وهذا طريف جدا.
الأزهري: وحكم الرجل يحكم حكما إذا بلغ النهاية في معناه مدحا لازما، وقال مرقش:
يأتي الشباب الأقورين، ولا تغبط أخاك أن يقال حكم أي بلغ النهاية في معناه.
أبو عدنان: استحكم الرجل إذا تناهى عما يضره في دينه أو دنياه، قال ذو الرمة:
لمستحكم جزل المروءة مؤمن من القوم، لا يهوى الكلام اللواغيا وأحكمت الشئ فاستحكم: صار محكما. واحتكم الأمر واستحكم: وثق. الأزهري: وقوله تعالى: كتاب أحكمت آياته فصلت من لدن حكيم خبير، فإن التفسير جاء: أحكمت آياته بالأمر والنهي والحلال والحرام ثم فصلت بالوعد والوعيد، قال: والمعنى، والله أعلم، أن آياته أحكمت وفصلت بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على توحيد الله وتثبيت نبوة الأنبياء وشرائع الإسلام، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: ما فرطنا في الكتاب من شئ، وقال بعضهم في قول الله تعالى:
الر تلك آيات الكتاب الحكيم، إنه فعيل بمعنى مفعل، واستدل بقوله عز وجل: الر كتاب أحكمت آياته، قال الأزهري: وهذا إن شاء الله كما قيل، والقرآن يوضح بعضه بعضا، قال: وإنما جوزنا ذلك وصوبناه لأن حكمت يكون بمعنى أحكمت فرد إلى الأصل، والله أعلم. وحكم الشئ وأحكمه، كلاهما: منعه من الفساد. قال الأزهري: وروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال: حكم اليتيم كما تحكم ولدك أي امنعه من الفساد وأصلحه كما تصلح ولدك وكما تمنعه من الفساد، قال: وكل من منعته من شئ فقد حكمته وأحكمته، قال: ونرى أن حكمة الدابة سميت بهذا المعنى لأنها تمنع الدابة من كثير من الجهل. وروى شمر عن أبي سعيد الضرير أنه قال في قول النخعي: حكم اليتيم كما تحكم ولدك، معناه حكمه في ماله وملكه إذا صلح كما تحكم ولدك في ملكه، ولا يكون حكم بمعنى أحكم لأنهما ضدان،
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست