فطيره الشيب، لم يرد أن جوهر الشعر زال، لكنه أراد أن السواد أزاله الدهر فبقي الشعر مبيضا.
وغراب غارب، على المبالغة، كما قالوا: شعر شاعر، وموت مائت، قال رؤبة:
فازجر من الطير الغراب الغاربا والغراب: قذال الرأس، يقال: شاب غرابه أي شعر قذاله.
وغراب الفأس: حدها، وقال الشماخ يصف رجلا قطع نبعة:
فأنحى، عليها ذات حد، غرابها * عدو لأوساط العضاه، مشارز وفأس حديدة الغراب أي حديدة الطرف.
والغراب: اسم فرس لغني، على التشبيه بالغراب من الطير.
ورجل الغراب: ضرب من صر الإبل شديد، لا يقدر الفصيل على أن يرضع معه، ولا ينحل. وأصر عليه رجل الغراب:
ضاق عليه الأمر، وكذلك صر عليه رجل الغراب، قال الكميت:
صر، رجل الغراب، ملكك في النا * س على من أراد فيه الفجورا ويروى: صر رجل الغراب ملكك. ورجل الغراب: منتصب على المصدر، تقديره صرا، مثل صر رجل الغراب.
وإذا ضاق على الإنسان معاشه قيل: صر عليه رجل الغراب، ومنه قول الشاعر:
إذا رجل الغراب علي صرت، * ذكرتك، فاطمأن بي الضمير وأغربة العرب: سودانهم، شبهوا بالأغربة في لونهم.
والأغربة في الجاهلية: عنترة، وخفاف ابن ندبة السلمي، وأبو عمير بن الحباب السلمي أيضا، وسليك بن السلكة، وهشام ابن عقبة بن أبي معيط، إلا أن هشاما هذا مخضرم، قد ولي في الإسلام. قال ابن الأعرابي: وأظنه قد ولي الصائفة وبعض الكور، ومن الإسلاميين: عبد الله بن خازم، وعمير بن أبي عمير بن الحباب السلمي، وهمام بن مطرف التغلبي، ومنتشر بن وهب الباهلي، ومطر ابن أوفى المازني، وتأبط شرا، والشنفرى، (1) (1 ليس تأبط شرا والشنفرى من الإسلاميين وإنما هما جاهليان.) وحاجز، قال ابن سيده: كل ذلك عن ابن الأعرابي. قال: ولم ينسب حاجزا هذا إلى أب ولا أم، ولا حي ولا مكان، ولا عرفه بأكثر من هذا. وطار غرابها بجرادتك:
وذلك إذا فات الأمر، ولم يطمع فيه، حكاه ابن الأعرابي.
وأسود غرابي وغربيب: شديد السواد، وقول بشر بن أبي خازم:
رأى درة بيضاء، يحفل لونها * سخام، كغربان البرير، مقصب يعني به النضيج من ثمر الأراك. الأزهري: وغراب البرير عنقوده الأسود، وجمعه غربان، وأنشد بيت بشر بن أبي خازم، ومعنى يحفل لونها: يجلوه، والسخام: كل شئ لين من صوف، أو قطن، أو غيرهما، وأراد به شعرها، والمقصب: المجعد.
وإذا قلت: غرابيب سود، تجعل السود بدلا من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدم. وفي الحديث: إن الله يبغض الشيخ الغربيب، هو