والدعاء والكلام مصروفات إلى الله تعالى. وفلان طيب الإزار إذا كان عفيفا، قال النابغة:
رقاق النعال، طيب حجزاتهم أراد أنهم أعفاء عن المحارم. وقوله تعالى: وهدوا إلى الطيب من القول، قال ثعلب: هو الحسن. وكذلك قوله تعالى: إليه يصعد الكلم الطيب، والعمل الصالح يرفعه، إنما هو الكلم الحسن أيضا كالدعاء ونحوه، ولم يفسر ثعلب هذه الأخيرة. وقال الزجاج: الكلم الطيب توحيد الله، وقول لا إله إلا الله، والعمل الصالح يرفعه أي يرفع الكلم الطيب الذي هو التوحيد ، حتى يكون مثبتا للموحد حقيقة التوحيد. والضمير في يرفعه على هذا راجع إلى التوحيد. ويجوز أن يكون ضمير العمل الصالح أي العمل الصالح يرفعه الكلم الطيب أي لا يقبل عمل صالح إلا من موحد. ويجوز أن يكون الله تعالى يرفعه. وقوله تعالى : الطيبات للطيبين، والطيبون للطيبات، قال الفراء: الطيبات من الكلام، للطيبين من الرجال، وقال غيره: الطيبات من النساء، للطيبين من الرجال.
وأما قوله تعالى: يسألونك ماذا أحل لهم؟ قل: أحل لكم الطيبات، الخطاب للنبي، صلى الله عليه وسلم، والمراد به العرب. وكانت العرب تستقذر أشياء كثيرة فلا تأكلها، وتستطيب أشياء فتأكلها، فأحل الله لهم ما استطابوه، مما لم ينزل بتحريمه تلاوة مثل لحوم الأنعام كلها وألبانها، ومثل الدواب التي كانوا يأكلونها، من الضباب والأرانب واليرابيع وغيرها.
وفلان في بيت طيب: يكنى به عن شرفه وصلاحه وطيب أعراقه. وفي حديث طاووس : أنه أشرف على علي بن الحسين ساجدا في الحجر، فقلت: رجل صالح من بيت طيب.
والطوبى: جماعة الطيبة، عن كراع، قال: ولا نظير له إلا الكوسى في جمع كيسة ، والضوقى في جمع ضيقة. قال ابن سيده: وعندي في كل ذلك أنه تأنيث الأطيب والأضيق والأكيس، لأن على ليست من أبنية الجموع. وقال كراع: ولم يقولوا الطيبي، كما قالوا الكيسى في الكوسى، والضيقى في الضوقى.
والطوبى: الطيب، عن السيرافي.
فعلى من الطيب، كأن أصله طيبي، فقلبوا الياء واوا للضمة قبلها، ويقال: طوبى لك وطوباك، بالإضافة. قال يعقوب: ولا تقل طوبيك، بالياء. التهذيب:
والعرب تقول طوبى لك، ولا تقل طوباك. وهذا قول أكثر النحويين إلا الأخفش فإنه قال: من العرب من يضيفها فيقول: طوباك. وقال أبو بكر: طوباك إن فعلت كذا، قال: هذا مما يلحن فيه العوام، والصواب طوبى لك إن فعلت كذا وكذا. وطوبى: شجرة في الجنة، وفي التنزيل العزيز: طوبى لهم وحسن مآب.
وذهب سيبويه بالآية مذهب الدعاء، قال: هو في موضع رفع يدلك على رفعه رفع:
وحسن مآب. قال ثعلب: وقرئ طوبى لهم وحسن مآب، فجعل طوبى مصدرا كقولك:
وطوبى:
سقيا له. ونظيره من المصادر الرجعى، واستدل على أن موضعه نصب بقوله وحسن مآب. قال ابن جني: وحكى أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني، في كتابه الكبير في القراءات، قال: قرأ علي أعرابي بالحرم: طيبي لهم، فأعدت فقلت: طوبى، فقال:
طيبي، فأعدت فقلت: طوبى، فقال: طيبي. فلما طال علي قلت: طوطو، فقال : طي طي. قال الزجاج: