لسان العرب - ابن منظور - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
لقد خشيت أن أرى جدبا * في عامنا ذا، بعدما أخصبا فإنه أراد جدبا، فحرك الدال بحركة الباء، وحذف الألف على حد قولك:
رأيت زيد، في الوقف. قال ابن جني: القول فيه أنه ثقل الباء، كما ثقل اللام في عيهل في قوله:
ببازل وجناء أو عيهل فلم يمكنه ذلك حتى حرك الدال لما كانت ساكنة لا يقع بعدها المشدد ثم أطلق كإطلاقه عيهل ونحوها. ويروى أيضا جدببا، وذلك أنه أراد تثقيل الباء، والدال قبلها ساكنة، فلم يمكنه ذلك، وكره أيضا تحريك الدال لأن في ذلك انتقاض الصيغة، فأقرها على سكونها، وزاد بعد الباء باء أخرى مضعفة لإقامة الوزن. فإن قلت: فهل تجد في قوله جدببا حجة للنحويين على أبي عثمان في امتناعه مما أجازوه بينهم من بنائهم مثل فرزدق من ضرب، ونحوه ضربب، واحتجاجه في ذلك لأنه لم يجد في الكلام ثلاث لامات مترادفة على الاتفاق، وقد قالوا جدببا كما ترى، فجمع الراجز بين ثلاث لامات متفقة، فالجواب أنه لا حجة على أبي عثمان للنحويين في هذا من قبل أن هذا شئ عرض في الوقف، والوصل مزيله.
وما كانت هذه حاله لم يحفل به، ولم يتخذ أصلا يقاس عليه غيره. ألا ترى إلى إجماعهم على أنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حركة ثم لا يفسد ذلك بقول بعضهم في الوقف: هذه أفعو، وهو الكلو، من حيث كان هذا بدلا جاء به الوقف، وليس ثابتا في الوصل الذي عليه المعتمد والعمل، وإنما هذه الباء المشددة في جدببا زائدة للوقف، وغير ضرورة الشعر، ومثلها قول جندل:
جارية ليست من الوخشن، لا تلبس المنطق بالمتنن، إلا ببت واحد بتن، كأن مجرى دمعها المستن قطننة من أجود القطنن فكما زاد هذه النونات ضرورة كذلك زاد الباء في جدببا ضرورة، ولا اعتداد في الموضعين جميعا بهذا الحرف المضاعف. قال: وعلى هذا أيضا عندي ما أنشده ابن الأعرابي من قول الراجز:
لكن رعين القنع حيث ادهمما أراد: أدهم، فزاد ميما أخرى. قال وقال لي أبو علي في جدببا: إنه بنى منه فعلل مثل قردد، ثم زاد الباء الأخيرة كزيادة الميم في الأضخما. قال: وكما لا حجة على أبي عثمان في قول الراجز جدببا كذلك لا حجة للنحويين على الأخفش في قوله: إنه يبنى من ضرب مثل اطمأن، فتقول: اضربب.
وقولهم هم اضربب، بسكون اللام الأولى بقول الراجز، حيث ادهمما، بسكون الميم الأولى، لأن له أن يقول إن هذا إنما جاء لضرورة القافية، فزاد على أدهم، وقد تراه ساكن الميم الأولى، ميما ثالثة لإقامة الوزن، وكما لا حجة لهم عليه في هذا كذلك لا حجة له عليهم أيضا في قول الآخر:
إن شكلي، وإن شكلك شتى، * فالزمي الخص، واخفضي تبيضضي بتسكين اللام الوسطى، لأن هذا أيضا إنما زاد
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حرف الهمزة فصل الهمزة 23
2 فصل الباء الموحدة 25
3 فصل التاء المثناة فوقها 39
4 فصل الثاء المثلثة 40
5 فصل الجيم 41
6 فصل الحاء المهملة 53
7 فصل الخاء المعجمة 62
8 فصل الدال المهملة 69
9 فصل الذال المعجمة 79
10 فصل الراء 81
11 فصل الزاي 90
12 فصل السين المهملة 92
13 فصل الشين المعجمة 99
14 فصل الصاد المهملة 107
15 فصل الضاد المعجمة 110
16 فصل الطاء المهملة 113
17 فصل الظاء المعجمة 116
18 فصل العين المهملة 117
19 فصل الغين المعجمة 119
20 فصل الفاء 119
21 فصل القاف 127
22 فصل الكاف 136
23 فصل اللام 150
24 فصل الميم 154
25 فصل النون 161
26 فصل الهاء 179
27 فصل الواو 189
28 فصل الياء المثناة تحتها 202
29 حرف الباء فصل الهمزة 204
30 فصل الباء الموحدة 221
31 فصل التاء المثناة فوقها 225
32 فصل الثاء المثلثة 234
33 فصل الجيم 248
34 فصل الحاء المهملة 288
35 فصل الخاء المعجمة 341
36 فصل الدال المهملة 368
37 فصل الذال المعجمة 377
38 فصل الراء 398
39 فصل الزاي المعجمة 443
40 فصل السين المهملة 454
41 فصل الشين المعجمة 479
42 فصل الصاد المهملة 514
43 فصل الضاد المعجمة 538
44 فصل الطاء المهملة 553
45 فصل الظاء المعجمة 568
46 فصل العين المهملة 572
47 فصل الغين المعجمة 634
48 فصل الفاء 657
49 فصل القاف 657
50 فصل الكاف 694
51 فصل اللام 729
52 فصل الميم 747
53 فصل النون 747
54 فصل الهاء 778
55 فصل الواو 791
56 فصل الياء المثناة تحتها 805