الثلث، لأن القرآن العزيز لا يتجاوز ثلاثة أقسام، وهي: الإرشاد إلى معرفة ذات الله تعالى وتقديسه، أو معرفة صفاته وأسمائه، أو معرفة أفعاله وسنته في عباده. ولما اشتملت سورة الإخلاص على أحد هذه الأقسام الثلاثة، وهو التقديس، وازنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلث القرآن، لأن منتهى التقديس أن يكون واحدا في ثلاثة أمور: لا يكون حاصلا منه من هو من نوعه وشبهه، ودل عليه قوله: لم يلد. ولا يكون هو حاصلا ممن هو نظيره وشبهه، ودل عليه قوله: ولم يولد. ولا يكون في درجته - وإن لم يكن له أصلا ولا فرعا - من هو مثله، ودل عليه قوله: ولم يكن له كفوا أحد.
ويجمع جميع ذلك قوله: قل هو الله أحد. وجملته: تفصيل قولك: لا إله إلا الله. فهذه أسرار القرآن. ولا تتناهى أمثالها فيه. ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين.
[ه] وفي حديث كعب (أنه قال لعمر رضي الله عنه: أنبئني ما المثلث؟ فقال: وما المثلث لا أبا لك؟ فقال: شر الناس المثلث) يعني السعي بأخيه إلى السلطان، يهلك ثلاثة، نفسه، وأخاه، وإمامه بالسعي فيه إليه.
وفي حديث أبي هريرة (دعاه عمر رضي الله عنه إلى العمل بعد أن كان عزله، فقال: إني أخاف ثلاثا واثنتين، قال: أفلا تقول خمسا؟ فقال: أخاف أن أقول بغير حكم، وأقضي بغير علم.
وأخاف أن يضرب ظهري، وأن يشتم عرضي، وأن يؤخذ مالي) الثلاث والاثنتان هذه الخلال الخمس التي ذكرها، وإنما لم يقل خمسا، لآن الخلتين الأوليين من الحق عليه، فخاف أن يضيعه، والخلال الثلاث من الحق له، فخاف أن يظلمه، فلذلك فرقها.
(ثلج) في حديث عمر رضي الله عنه (حتى أتاه الثلج واليقين) يقال ثلجت نفسي بالأمر تثلج ثلجا، وثلجت تثلج ثلوجا إذا اطمأنت إليه وسكنت، وثبت فيها ووثقت به.
ومنه حديث ابن ذي يزن (وثلج صدرك).
(س) وحديث الأحوص (أعطيك ما تثلج إليه).
وفي حديث الدعاء (واغسل خطاياي بماء الثلج والبرد) إنما خصهما بالذكر تأكيدا للطهارة ومبالغة فيها، لأنهما ما آن مفطوران على خلقتهما، لم يستعملا ولم تنلهما الأيدي، ولم تخضهما