وذكر ابن جرير في تاريخه الكبير ما لفظه: (كان المهاجرون يوم بدر سبعة وسبعين رجلا، وكان الأنصار مأتين وستة وثلاثين رجلا، وكان صاحب راية رسول الله (ص) علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة).
وذكر ابن هشام ما لفظه: (وكان أمام رسول الله (ص) رايتان سوداوان، إحداهما مع علي بن أبي طالب يقال لها العقاب، والأخرى مع بعض الأنصار).
نسأل الدكتور حين وضع سيرة ابن هشام بين يديه ينقل عنها غزوة بدر، حتى انتهى إلى قوله رايتان سوداوان، ما الذي منعه من إتمام أن الحامل لإحداهما علي بن أبي طالب؟! وما الذي يعتذر به عن ترك ذلك في كتابه؟!
ونسأله: لو أن ابن هشام روى أن الحامل لراية المهاجرين أبو بكر أو عمر، هل كان ينقص هذا من الرواية، أم يأتي بها على وجهها، أم يزيد فيها؟!
أهذا هو التفكير الجدي الذي وعدبه في تقديم كتابه صفحة (19) طبعة أولى، حيث قال: (جعلني أفكر تفكيرا جديا في تنفيذ ما اعتزمت من كتابة حياة محمد على الطريقة العلمية الحديثة، كتابة مفصلة، ودعاني للتفكير في مثل الوسائل لتمحيص السيرة تمحيصا علميا جهد ما أستطيع)!!
كأن التمحيص هو أن يكتب السيرة كما يشتهي، وعلى نحو ما يريد، فيثبت الفضل لمن يشاء وينفيه عمن يشاء، ويغتصب فضل من يشاء لمن يشاء!!