نقد كتاب حياة محمد (ص) - السيد عبد الحسين نور الدين العاملي - الصفحة ٤٧
وإذا أباح لنفسه هذا النحو من العمل، فكيف انتقد المبشرين وأقام عليهم النكير، وكتابه مشحون بذلك، لا سيما تقديمه؟!
إن هؤلاء المبشرين إنما يزجهم في هذا المأزق ويهون عليهم احتمال النقد هو حقدهم المتأصل وعداوتهم القديمة، التي سببها ظهور الدين وظهور سلطانه على الشرق واكتساحه كل سلطان، وفرض الجزية على ملوكه وأمرائه ورعاياهم.. وهؤلاء المبشرون هم أحفاد أولئك الذين جرت عليهم هذه الأحكام، فما الظن بهم وقد اكتسحوا سلطان الاسلام وأعادوا سلطانهم، وملكوا الحول والقوة؟!
أتعجب لو عمدوا إلى سيرة النبي صلى الله عليه وآله فحرفوها، وأطلقوا العنان لخيالهم في مسخها وتشويهها..؟! وتلك سجية المغلوب إذا غلب، والمخصوم إذا فلج! تراه يستريح إلى تفنيد خصمه وتنقيصه، إلا من عصمه الله وقهر سلطان النفس وكبج جماع الهوى، وانفلت من قيد التقليد والعقيدة الموروثة، وأين هؤلاء؟ هم أقل من القليل!
إنما العجب لمن اعتنق دينا وتحلى بمظاهر تأمره وتحثه على تعظيم شخص بعينه، فإذا كتب سيرة العظماء وتاريخ حياتهم، عمد إلى ذلك الشخص فحذف ما دونه له التاريخ من الفضائل والمزايا، وعمل على إغفاله وإهماله؟!
وهل يلام المرء إلا إذا خالف فعله قوله، وظاهره باطنه؟!
إن هؤلاء المبشرين يصارحوننا بأن عقيدتهم في محمد صلى الله عليه وآله سيئة، وأن ما جاء به باطل... لكن الدكتور يأبى أشد الإباء أن
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست