5389 - نهج البلاغة: من كلام له (عليه السلام) لكميل بن زياد النخعي، قال كميل بن زياد:
أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخرجني إلى الجبان (1)، فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال:
يا كميل بن زياد، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ عني ما أقول لك:
الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.
يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، وصنيع المال يزول بزواله.
يا كميل بن زياد، معرفة العلم دين يدان به، به يكسب الإنسان الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم والمال محكوم عليه.
يا كميل، هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر:
أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. ها، إن ههنا لعلما جما - وأشار بيده إلى صدره - لو أصبت له حملة! بلى أصبت لقنا (2) غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا لحملة الحق، لا بصيرة له في أحنائه (3)، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة. ألا لا ذا ولا ذاك! أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أو