من معدن الرسالة مولدا ونشأة، ومن ذاته خلقا وفطرة. ثم إن الظرف الذي أعلن فيه عما يكمن في كيانه من روح الإسلام ومن حقيقته، لم يكن شيئا من ظروف الآخرين ولم يرتبط بموجبات العمر؛ لأن إسلام علي كان أعمق من ضرورة الارتباط بالظروف إذ كان جاريا من روحه كما تجري الأشياء من معادنها والمياه من ينابيعها. فإن الصبي ما كاد يستطيع التعبير عن خلجات نفسه، حتى أدى فرض الصلاة وشهد بالله ورسوله دون أن يستأذن أو يستشير.
لقد كان أول سجود المسلمين الأول لآلهة قريش!
وكان أول سجود علي لإله محمد!
إلا أنه إسلام الرجل الذي أتيح له أن ينشأ على حب الخير وينمو في رعاية النبي ويصبح إمام العادلين من بعده، وربان السفينة في غمرة العواصف والأمواج " (1).
يتبين مما ذكرناه - وهو غيض من فيض، ويمكن ملاحظة حقائق كثيرة تدعم ما أوردناه - ما يأتي:
1 - يعود إيمان علي (عليه السلام) إلى السنين التي سبقت الجهر بالرسالة الإسلامية.
2 - تباينت أقوال المؤرخين في عمره (عليه السلام) حين تصديقه النبي (صلى الله عليه وآله) بين الثمان (2)،