وقد روي أن السنة التي ولد فيها علي (عليه السلام) هي السنة التي بدئ فيها برسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأسمع الهتاف من الأحجار والأشجار، وكشف عن بصره، فشاهد أنوارا وأشخاصا، ولم يخاطب فيها بشيء.
وهذه السنة هي السنة التي ابتدأ فيها بالتبتل والانقطاع والعزلة في جبل حراء، فلم يزل به حتى كوشف بالرسالة، وأنزل عليه الوحي. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتيمن بتلك السنة وبولادة علي (عليه السلام) فيها، ويسميها سنة الخير وسنة البركة، وقال لأهله ليلة ولادته، وفيها شاهد ما شاهد من الكرامات والقدرة الإلهية، ولم يكن من قبلها شاهد من ذلك شيئا: " لقد ولد لنا الليلة مولود يفتح الله علينا به أبوابا كثيرة من النعمة والرحمة ".
وكان كما قال صلوات الله عليه؛ فإنه (عليه السلام) كان ناصره والمحامي عنه وكاشف الغماء عن وجهه، وبسيفه ثبت دين الإسلام، ورست دعائمه، وتمهدت قواعده " (1).
ويقول الكاتب المسيحي الشهير جورج جرداق: " وإذا أسلم بعض الوجوه من قريش منذ أول الدعوة احتكاما للعقل وتخلصا من الوثنية؛ وإذا أسلم كثير من العبيد والأرقاء والمضطهدين طلبا للعدالة التي تتدفق بها رسالة محمد، واستنكارا للجور الذي يلهب ظهورهم بسياطه؛ وإذا أسلم قوم بعد انتصار النبي امتثالا للواقع وتزلفا للمنتصر كما هي الحال بالنسبة لأكثر الأمويين؛ إذا أسلم هؤلاء جميعا في ظروف تتفاوت من حيث قيمتها ومعانيها الإنسانية، وتتحد في خضوعها للمنطق أو للواقع الراهن، فإن علي بن أبي طالب قد ولد مسلما؛ لأ نه