ولا يكرم عالمكم، ولا يقسم الفيء بالسوية بينكم، وليضربنكم، ويذلنكم، ويجمرنكم (1) في المغازي، ويقطعن سبيلكم، وليحجبنكم على بابه، حتى يأكل قويكم ضعيفكم، ثم لا يبعد الله إلا من ظلم منكم، ولقلما أدبر شيء ثم أقبل، وإني لأظنكم في فترة، وما علي إلا النصح لكم.
يا أهل الكوفة! منيت منكم بثلاث واثنتين: صم ذوو أسماع، وبكم ذوو ألسن، وعمي ذوو أبصار، لا إخوان صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء.
اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني.
اللهم لا ترض عنهم أميرا، ولا ترضهم عن أمير، وأمث قلوبهم كما يماث الملح في الماء.
أم والله، لو أجد بدا من كلامكم ومراسلتكم ما فعلت، ولقد عاتبتكم في رشدكم حتى لقد سئمت الحياة، كل ذلك تراجعون بالهزء من القول فرارا من الحق، وإلحادا إلى الباطل الذي لا يعز الله بأهله الدين، وإني لأعلم أنكم لا تزيدونني غير تخسير، كلما أمرتكم بجهاد عدوكم اثاقلتم إلى الأرض، وسألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول.
إن قلت لكم في القيظ: سيروا، قلتم: الحر شديد، وإن قلت لكم في البرد:
سيروا، قلتم: القر شديد، كل ذلك فرارا عن الجنة. إذا كنتم عن الحر والبرد تعجزون، فأنتم عن حرارة السيف أعجز وأعجز، فإنا لله وإنا إليه راجعون.